البيان الختامي للمؤتمر الدولي للجان الوطنية لليونسكو
2012/06/8
عُقد المؤتمر الدولي للجان الوطنية لليونسكو المعنون « الحوار العربي الأوروبي: مساهمة من أجل إرساء نزعة إنسانية جديدة » في فيينا، في يومي 31 مايو و 1 يونيو 2012. ونظمت اليونسكو هذا الحدث بالتعاون مع مؤسسة محمد بن عيسى الجابر وبدعم من اللجنة النمساوية لليونسكو. وتمثل هدف المؤتمر في الجمع بين الجهات الفاعلة الرئيسية المعنية بمبادرة الحوار العربي الأوروبي، واستعراض ما تم الاضطلاع به من أعمال خلال السنوات العشر الماضية، واستكشاف السبل والوسائل التي تتيح استحداث أنشطة مبتكرة. والغرض النهائي من ذلك هو تنمية التعاون العربي الأوروبي في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال.
الخلفية:
1) تقوم مبادرة اليونسكو للحوار العربي الأوروبي أصلاً على تعبئة شبكة اللجان الوطنية للمنظمة من أجل تعزيز التقارب والتعاون بين المنطقتين العربية والأوروبية المتجاورتين على أساس المصالح والقيم التاريخية والثقافية والتربوية المشتركة بينهما، وذلك وفقاً للمبادئ المرسخة على وجه الخصوص في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي ضوء الانتفاضات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي شهدتها المنطقة العربية وفي وقت يُعاد فيه النظر أيضاً في مفهوم التعددية الثقافية في عدد من بلدان المنطقتين العربية والأوروبية، يستهدف الحوار العربي الأوروبي تحديد الأنشطة التي تستند إلى أفضل الممارسات والعمل في الوقت عينه على وضع نهوج جديدة في الوقت المناسب بناءً على ما تتسم به اللجان الوطنية من مزايا نسبية. ويرتكز ذلك على عملية تواصل منسقة مع أصحاب أفضل القدرات الفكرية والعلمية والاجتماعية على الصعيد الوطني.
2) واستُهل الحوار العربي الأوروبي بمبادرة من اللجنة الوطنية التونسية للتربية والعلم والثقافة، واللجنة الوطنية الألمانية لليونسكو، واللجنة الوطنية الفرنسية لليونسكو، خلال اجتماع عُقد على هامش الدورة السادسة والأربعين للمؤتمر الدولي للتربية في شهر سبتمبر 2001، في جنيف. وقام في هذه المناسبة أكثر من ثلاثين ممثلاً للجان الوطنية لليونسكو مع عدد من وزراء التربية والثقافة باستهلال مبادرة الحوار العربي الأوروبي بغية تشجيع تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين المنطقتين العربية والأوروبية المتجاورتين، وذلك في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال. وجرى تطوير هذه المبادرة في إطار اجتماعات تقنية متتالية عُقدت في أبو ظبي والمغرب وباريس. وعُقدت بعد ذلك ثلاثة اجتماعات بارزة، ألا وهي: الندوة العربية الأوروبية المعنونة « الحوار العربي الأوروبي والتنوع الثقافي في مجتمعات المعرفة » والتي نظمتها اللجنتان الوطنيتان التونسية والفرنسية في تونس العاصمة في مارس 2005؛ والاجتماع الذي عُقد في يناير 2010، في باريس، والذي أُنشئ خلاله فريق العمل الخاص للجان الوطنية المعني بمبادرة اليونسكو للحوار العربي الأوروبي، بمشاركة 18 بلداً؛ والاجتماع الذي عُقد في يناير 2011، في مسقط (عُمان)، والذي أُوصي خلاله بعقد مؤتمر دولي تشارك فيه جميع اللجان الوطنية القائمة في المنطقتين العربية والأوروبية، فضلاً عن المنظمات الدولية والإقليمية المعنية والشركاء التابعين للمجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل التخطيط للمرحلة المقبلة.
3) وفي عصر تسهم فيه العولمة والتكنولوجيات الجديدة في تحقيق التقارب بين الناس بطرائق لم يسبق لها مثيل، لا بد للمجتمعات كافة من أن تعتمد أساليب عيش جديدة لمعالجة أزمة القيم التي يواجهها العالم. وبالنظر إلى ازدياد أوجه الترابط والاتصال بين مختلف البلدان، وإلى ما يُسجل في مقابل ذلك من مواقف سلبية وقوى تقاوم عملية التقارب هذه، وهو أمر يحمل في طياته بذور التوتر والنزاع، فإن التحديات التي نواجهها في بداية القرن الحادي والعشرين تستلزم جهوداً منسقة في جميع المجالات التي ينبغي أن يشملها الحوار. وترتكز مبادرة الحوار العربي الأوروبي على افتراض مفاده أن الثقافات والحضارات تزدهر بفضل المبادلات والتفاعلات الإيجابية التي تقوم فيما بينها، وأن الانفتاح على الحوار ينبغي أن يكون من السمات الدائمة للمجتمعات والأفراد. ولا بد من تهيئة الظروف المؤاتية وتقديم الدعم الكافي لمواصلة تطوير ما تم الشروع فيه من مبادرات وإتاحة فرص النجاح للمبادرات الجديدة.
4) وبناءً على ما تقدّم، فإن المشاركين في المؤتمر الدولي للجان الوطنية لليونسكو المعنون « الحوار العربي الأوروبي: مساهمة من أجل إرساء نزعة إنسانية جديدة » والذي عُقد في فيينا في يومي 31 مايو و 1 يونيو 2012 التزموا بما يلي:
الالتزامات:
5) نعتزم تكثيف الجهود التي نبذلها لإقامة الحوار والتعاون بين الثقافات في جميع مجالات اختصاص اليونسكو، ومنها التربية بوجه خاص، وكذلك العلوم والثقافة والاتصال والمعلومات. واسترشدت اللجان الوطنية بالأفكار الواردة في التقرير المعنون « التعلّم: ذلك الكنز المكنون »، الذي قدمته إلى اليونسكو اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الحادي والعشرين برئاسة السيد جاك ديلور. وجاء في هذا التقرير أن « تعلّم العيش معاً، بتنمية فهم الآخرين وإدراك التكافل فيما بين البشر – أي تحقيق مشروعات مشتركة وتعلّم كيفية تسوية النزاعات – في ظل احترام القيم المتمثلة في التعددية والتفاهم والسلام » هو إحدى ركائز التربية الأربع. ويتعين تزويد الطلبة والمعلمين في المنطقتين العربية والأوروبية بما يحتاجون إليه من منابر وفرص كي يستكشفوا معاً الحلول للمشكلات الراهنة من خلال مشروعات قابلة للتنفيذ. ومن هذا المنطلق تُعتبر الخبرات المعترف بها دولياً، التي تتمتع بها شبكة المدارس المنتسبة إلى اليونسكو في هذا المجال، عاملاً بالغ الأهمية.
6) وسنواصل عملنا في مجال تعزيز المعرفة والفهم بوصفهما عاملين رئيسيين في التصدي للمعتقدات المغلوطة والقوالب النمطية، وتعزيز الاحترام المتبادل، وتقاسم القيم الدولية المشتركة. ويجب التركيز على مجال التربية وكذلك على سائر مجالات اختصاص اليونسكو. فالعلوم يمكن أن تؤدي، بالنظر إلى طابعها العالمي، دوراً جوهرياً في حفز الحوار والانفتاح والاحترام المتبادل، وفي خدمة السلام في نهاية المطاف. ومن شأن الاتصالات والمعلومات أن تؤدي عن طريق وسائل الإعلام بوجه خاص دوراً بالغ الأهمية في مساعدة المجتمعات المحلية على العيش معاً بسلام، وذلك عن طريق تشجيع احترام تنوع الهويات، وضمان اعتراف المجتمع بمختلف الجماعات والمجتمعات المحلية، وتعزيز الحوار. وتُعد الثقافة أداة قيّمة لنشر المعارف المتعلقة بالثقافات المختلفة في أوساط الشباب والكبار على حد سواء. ومن الضروري تسليط الضوء على المبادرات العديدة المنفذة لبلوغ هذه الغاية، ومنها المبادرات التي تم الاضطلاع بها في إطار الحوار العربي الأوروبي، مثل « الدراسة المقارنة لكتب التاريخ المدرسية »، و »المؤتمر الدولي للتعليم من أجل التنمية المستدامة لدعم التنوع الثقافي والتنوع البيولوجي » الذي عُقد في مسقط، في يناير 2011، فضلاً عن مشروعات أخرى تنفذها اللجان الوطنية لليونسكو إما بصورة فردية أو بصورة مشتركة. وتجدر الإشارة إلى أن مشاركة المؤسسات الإقليمية المعنية ومنها مجلس أوروبا والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليكسو) ومكتب التربية العربي لدول الخليج، والمنظمات غير الحكومية، والشركاء التابعون للقطاع الخاص، أثرت المبادلات.
7) وسنعمل أيضاً على تلبية احتياجات الشباب وتطلعاتهم، لأن الشباب يواجهون الآن تحديات متعددة متزايدة التعقيد. وعندما يبلغ عدد الشباب الذين يشعرون بأنهم محرومون من حقوقهم ومن إمكانية التعبير عن آرائهم الحد الذي بلغه اليوم، فإن الحاجة إلى تحديد هوية الفرد تصبح في مقدمة الاعتبارات. وإننا ندعم بشدة في هذا الصدد المشروع القاضي بإعداد مجموعة من المراجع الخاصة باليونسكو مكرّسة لقيم التربية ومستوحاة من المجموعة التعليمية الناجحة المرتبطة بمشروع « التراث العالمي بين أيدي الشباب ». ويجب بذل كل الجهود الممكنة على الصعيدين الوطني والإقليمي تحت رعاية اللجان الوطنية لليونسكو وبدعم من أمانة اليونسكو من أجل تصميم هذه المجموعة من المراجع المتعلقة بقيم التربية وإنتاجها بصورة مشتركة، وذلك بمساعدة خبراء دوليين ومهنيين عاملين في مجال التعليم تعيّنهم اللجان الوطنية في المنطقتين العربية والأوروبية لهذا الغرض.
8) وبما أن جميع اللجان الوطنية التابعة للبلدان العربية والأوروبية تشارك بطبيعة الحال في مبادرة اليونسكو للحوار العربي الأوروبي، فإننا نعلن التزامنا التام بمواصلة تطوير هذه المبادرة كما نشجع اللجان الوطنية في المنطقتين العربية والأوروبية على العمل في إطار الجهود المشتركة الرامية إلى ضمان استدامة قنوات الاتصال والتعاون القائمة بين المنطقتين المذكورتين وإلى افتتاح قنوات جديدة من هذا النوع في إطار العديد من المشروعات، ومنها مثلاً المشروعات التي تُعنى بها شبكة المدارس المنتسبة إلى اليونسكو، والكراسي الجامعية لليونسكو وبرنامج توأمة الجامعات، وأندية اليونسكو.
9) ونلتزم أيضاً بتجديد التعاون بين مبادرة الحوار العربي الأوروبي والجهات الفاعلة المعنية الأخرى والمنظمات الناشطة في هذا المجال، وبتحقيق التآزر لمنفعة الجميع. ويشمل شركاؤنا الرئيسيون في هذا الصدد تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، وبرنامج التراث الأوروبي المتوسطي، ومؤسسة آنا ليند. وإننا ندعم دعماً تاماً استراتيجية اليونسكو الرامية إلى إقامة شراكات جديدة وتشجيع استخدام نماذج جديدة للتعاون مع المؤسسات الإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص. وعلى ضوء ما تقدم، يتعين على اللجان الوطنية أن تسعى أكثر فأكثر إلى تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية مثل مؤسسة محمد بن عيسى الجابر على المشاركة في دعم مشروعاتها المشتركة، وفي تمويلها وتنفيذها.