الربط بين معارف السكان الأصليين والمعارف العلمية لمكافحة تدهور التنوّع البيولوجي
2014/07/29
انطلق المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، الذي أنشئ مؤخرا لمساعدة الحكومات والجهات المعنية في فهم وضع النظم الإيكولوجية واتجاهاتها والتحديات التي تواجهها. واعتمد المنبر مبدأ « الاعتراف بمعارف السكان الأصليين » بوصفه مبدأ تشغيليا أساسيا في ضوء إسهاماته الهامة في الحفاظ على التنوّع البيولوجي والنظم الإيكولوجية واستخدامها المستدام. إلاّ أنّ بناء أوجه التآزر بين نظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين من جهة والعلوم من جهة أخرى لا يزال يشكل تحديا. والاجتماع الأوّل لفرقة عمل المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي المعنية بنظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين قد شكل فرصة لتبيّن العراقيل وتمهيد الطريق لإرساء تعاونات جديرة بالاحترام ومنتجة بين السكان الأصليين وأصحاب المعارف المحليين، والمجتمع العلمي، وواضعي السياسات.
والتنوّع البيولوجي أساسي للحياة البشرية والحدّ من الفقر. وغالبا ما لا تؤخذ السلع والخدمات التي توفّرها النظم الإيكولوجية على محمل الجد، على الرغم من أنّها تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية، وهي عرضة للخطر بفعل تدهور التنوّع البيولوجي. وتشمل هذه الخدمات إنتاج غذائنا ومياهنا، وأكسجة هوائنا وتنقيته، وتلقيح محاصيلنا. وفي جميع أنحاء العالم، يتفاعل الناس تفاعلا مستمرا مع المكوّنات البيولوجية لبيئتهم، ومن خلال هذا التفاعل يقومون بصياغة مجموعات معارف وممارسات متطوّرة تتضمّن كلا من المعارف العلمية والمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين. وتشير المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين إلى المعارف والمهارات والمعتقدات التي طوّرتها مجتمعات كان لها تاريخ طويل من التفاعل مع محيطها الطبيعي.
وفي ما يتعلق بالسكان الريفيين والأصليين، تنير المعارف المحلية عملية صنع القرارات المتصلة بجوانب أساسية من الحياة اليومية. ويمكن لمثل هذه المعارف أن توفّر تبصّرات قيّمة في ما يتصل بالتغيّر البيئي وبتغيّر النظام الإيكولوجي، وأن تُكمّل البحوث العلمية الأوسع نطاقا من خلال توفير معلومات دقيقة للغاية عن الوضع المحلي. ويزداد الاعتراف بالمعارف المحلية وبمعارف السكان الأصليين بوصفها مصدرا هاما للفهم وللممارسات المستدامة ولاستراتيجيات التكيّف بغية مواجهة التحديات الحالية، بما في ذلك تغيّر المناخ وتدهور التنوّع البيولوجي.
ومقابل التدهور المستمر والمثير للقلق للتنوّع البيولوجي والاستخدام غير المستدام لخدمات النظام الإيكولوجي، يحظى هذان المجالان باهتمام متزايد على الساحة الدولية. وقد أنشئ المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي في عام 2012، وتمثّل هدفه العام في ضمان وضع أفضل المعارف التي تتيحها العلوم ونظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين بتصرّف الحكومات والجهات المعنية الأخرى. ويتعيّن على هذه المعارف أن تحفّز القرارات والسياسات والإجراءات المطّلعة التي من شأنها أن تعيق التدهور المتسارع للتنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي وفقدانها، وأن تضمن الحفاظ عليها من أجل الرخاء البشري والتنمية المستدامة على المدى البعيد. ولتحقيق هذا الهدف، يتعيّن بناء أوجه التآزر بين نظم المعارف، وتقوم فرقة عمل خاصة بتعزيز التعاون الناشط والفعّال مع السكان الأصليين وأصحاب المعارف المحليين في جميع مجالات عمل المنبر.
الاجتماع الأول لفرقة العمل المعنية بنظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين وقد سمح بإجراء تبادلات حيوية في ما يتصل بالعراقيل المحتملة ضمن الإطار الحالي، وبأفضل النهوج الرامية إلى إشراك جميع الجهات المعنية على نحو يتسم بالاحترام ويقود إلى إفادة متبادلة، وبفرص الابتكار المتطور المتاحة لجمع المعارف العلمية ومعارف السكان الأصليين في إطار عمليات تقييم التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي. وقد أرست مجموعات العمل الفرعية أسس العمل من أجل:
- وضع إجراءات ونهوج العمل مع نظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين؛
- إنشاء آلية تشاركية لضمان مشاركة السكان الأصليين وأصحاب المعارف المحليين في عمل المنبر؛
- استعراض التجارب الإقليمية ذات الصلة بنظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين؛
- تنظيم حلقة حوار عالمية لتجربة الإجراءات والفرص المتصلة بالمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين من أجل بناء القدرات؛
- وضع قائمة خبراء لتوجيه العمل بشأن المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين؛
- تنسيق الترتيبات مع فرقة عمل المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي المعنية ببناء القدرات وفرقة عمل المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي المعنية بالمعارف والبيانات بهدف ضمان معالجة المسائل المتصلة بمعارف السكان الأصليين معالجة ملائمة.
وسوف تواصل المجموعات الفرعية العمل على تحقيق هذه الأهداف الـستة وإنتاج وثائق القرارات والمعلومات التي سيُنظر فيها خلال الاجتماع العام الثالث للمنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي في يناير 2015.
دور اليونسكو والاعتراف العالمي بالمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين
في إطار المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، أفضى ترتيب شراكة تعاونية إلى إنشاء رابط مؤسسي بين الاجتماع العام للمنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ومن خلال هذه الشراكة، تقوم المنظمات الأربعة بدعم المنبر الدولي الحكومي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي في جميع مهامه، وتُسهم من خلال خبراتها في تنفيذ برنامج عمله. وبالإضافة إلى ذلك، عُيّنت اليونسكو بوصفها وحدة الدعم التقني لفرقة العمل المعنية بنظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين. وإذ تضطلع بهذه الصفة، توفر اليونسكو الدعم الفني واللوجستي لفرقة العمل المعنية بنظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين. وتسهم المنظمة أيضا في توفير الدعم الفني لفرقة العمل المعنية بالمعارف والبيانات.
وقد شكلت المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين جزءا من عمل اليونسكو على مدى أكثر من 35 سنة. ويشمل هذا المجال بطبيعته قطاعات متعدّدة، وولاية اليونسكو المتشعّبة المتمثلة في التربية والثقافة والعلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية تضع المنظمة في مكانة فريدة تتيح لها تقدير مثل هذه المدخلات المتعدّدة التخصصات وتيسيرها. وضمن قطاع العلوم، جرى تخصيص برنامج نظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين لمعالجة هذا الموضوع على مدى أكثر من 10 سنوات، فلم يتطرّق البرنامج إلى المعارف المتصلة بالبيئة فحسب بل تطرّق أيضا إلى علاقتها باللغات، والممارسات، والرؤى العالمية، وبنقل المعارف عبر الأجيال. وساعد البرنامج، من خلال عمله ومنشوراته، في جعل عدد كبير من المنتديات الدولية تقرّ بالمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين. وما فتئت اليونسكو تتعاون، بشكل خاص، مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ في ما يتصل بجوانب الضعف واستراتيجيات التكيّف (مجموعة العمل الثانية). وجرى، لأول مرة، الإقرار على الصعيد العالمي بأهمية المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين في إطار التقرير التقييمي الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ الذي صدر مؤخرا، والذي استمد المعلومات الواردة في عدد كبير من فصوله من المنشورة المشتركة بين اليونسكو وجامعة الأمم المتحدة والمعنونة « التصدّي لعدم اليقين: تسخير المعارف التقليدية من أجل تقييم تغيّر المناخ والتكيّف معه ».
المصدر: اليونسكو