اليوم العالمي لحرية الصحافة
2014/05/3
الثالث من مايو من كل عام هو موعد للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حرية الصحافة في العالم، وحماية وسائل الإعلام من التعدي على استقلالها، وتكريم الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارسة مهنتهم.
الثالث من مايو أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1993 اليوم العالمي لحرية الصحافة، على أثر توصية موجّهة إليها اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو سنة 1991.
يُتَّخذ هذا اليوم العالمي مناسبة لإعلام المواطنين بانتهاكات حرية الصحافة – والتذكير بأنه، في عشرات البلدان حول العالم، تمارَس الرقابة على المنشورات، وتُفرض عليها الغرامات، ويُعلَّق صدورها ، وتُغلَق دور النشر، بينما يلقى الصحافيون والمحررون والناشرون ألوانا من المضايقات والاعتداءات والاعتقالات وحتى الاغتيال في العديد من الحالات.
إنه يوم لتشجيع وتنمية المبادرات لصالح حرية الصحافة، وتقييم مدى حرية الصحافة على امتداد العالم.
ويُتَّخذ هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، ومناسبة أيضا لتأمل مهنيي وسائل الإعلام في قضيتَيْ حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وأهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة من هذا القبيل لا تقل عنها أهميته من حيث تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد أو بإلغاء حرية الصحافة. إنه أيضاً يوم لإحياء الذكرى، ذكرى الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارستهم المهنة.
وسائل الإعلام الحرة تساهم في الحكم الرشيد، والتمكين والقضاء على الفقر:
بحسب تقرير الفريق الرفيع المستوى حول جدول أعمال التنمية لما بعد العام 2015، يُفهم الحكم الرشيد بأنه قدرة المجتمع على ضمان سيادة القانون، وحرية التعبير، والحكومة المنفتحة والمسؤولة. وفي المقابل، وبشكل أوسع فإن حرية التعبير تعتبر ركناً أساسياً في الحوكمة، لأن هذا الحق يمكّن أكبر عدد من المواطنين من المساهمة في القرارات العامة حول التنمية ورصدها وتنفيذها. وأكدت الأعداد المتزايدة من الناس الذين لديهم إمكانية الوصول الى المنابر الإعلامية على أهمية حرية الصحافة في تعزيز الحكم الرشيد. وكما أشارت إحدى الدراسات: « لا تتعارض حرية الصحافة مع الحكم الرشيد. فهما يدعمان بعضهما البعض وفي الوقت نفسه تعززان لتنمية الاقتصادية والبشرية للدولة ».
إن وسائل الإعلام الحرة والمستقلة والمتعددة على جميع المنابر تعتبر مهمّة لتسهيل الحكم الرشيد والشفافية. وفي الإطار الأوسع لوسائل الإعلام، لاتزال تعتبر وسائل الإعلام الإخبارية قنوات مركزية لعمليات التقييم العام المستمرة حول أنشطة الحكومة وغيرها من المؤسسات التي لها أثر انمائي. إن الصحافة هي عملية تقديم معلومات وآراء إلى الساحة العامة. فهي توفر منبراً لمناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالتنمية مثل البيئة، العلوم، النوع الاجتماعي، الشباب، السلام، الفقر والمشاركة. يمكن للحكم الرشيد أن يترسخ فقط عندما يكون الصحفيون أحراراً في رصد سياسات وإجراءات المجتمع والتحقيق فيها ونقدها.
الشفافية هي مسألة مهمة في الحكم ولها علاقة كبيرة بالتنمية وبدور وسائل الإعلام الاخبارية. ويؤدي غياب الشفافية في النهاية الى الفساد والذي يعتبر بدوره من أصعب القضايا التي يتعين على الدول أن تواجهها في عملية التنمية. التحقيقات الصحفية المستقلة هي حليف للحكومة المنفتحة وبالتالي فهي تعزز من فعالية ومن ثم شرعية عمليات التنمية. ومن المهم أيضاً أن نلاحظ أن الدراسات قد أوضحت أن معدلات الفساد العالية ترتبط في أكثر الأحيان بانخفاض مستوى حرية الصحافة. وعلى حد قول أمارتيا سين الحائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد: « في تاريخ المجاعات الرهيبة في العالم، لم تحدث أي مجاعة كبيرة في أي دولة مستقلة وديموقراطية لديها صحافة حرة نسبياً ».
إن المجتمع الذي يضمن الوصول الى الوثائق العامة وعمليات صنع القرار العامة قادر على كشف تضارب المصالح وعلى تمكين المواطنين بمعلومات عن عمليات التنمية. ويدعم هذا بشكل كبير قانون قوي يتناول الحق في المعلومات والذي يمكّن المواطنين بما في ذلك وسائل الإعلام الإخبارية من سهولة الوصول الى المعلومات في المجال العام بسرعة وحرية. إن قوانين حرية المعلومات تتزايد في جميع أنحاء العالم ، ولكن تنفيذها يحتاج الى تحسين حتى تستطيع أن تساهم في التنمية.
إن الإصلاح التنظيمي لقوانين الإعلام والتشهير هو خطوة ضرورية في طريق الحكم الرشيد والتنمية. وتبقى قوانين التشهير الجنائية غير متناسبة من حيث المعايير الدولية للحدود الشرعية لحرية التعبير. حيث تحمي مثل هذه القوانين المقيدة المسؤولين بشكل مصطنع من تفحّص وسائل الإعلام والجمهور لهم. فهي لديها تأثير سلبي على حرية التعبير وتعرقل الحكم الرشيد على المدى البعيد. إن التجريم الشامل لقوانين التشهير هو أمر ضروري في أي عملية إصلاح تنظيمي تهدف لتشكيل التنمية من خلال تمكين المناقشة النقدية. وبالمثل، فإن العديد من قوانين وسائل الإعلام التي تستند الى قوانين الحقبة الاستعمارية الدكتاتورية القديمة تتعارض مع مشاركة الجمهور في عقد التنمية المقبل.
كما تساهم وسائل الإعلام الاخبارية الحرة والمتعددة والمستقلة في التمكين، الذي يعرف بأنه عملية اجتماعية اقتصادية وسياسية ناتجة عن زيادة قدرة الجمهور على الوصول الى المعلومات الموثوقة التي تمثل تعدد الآراء والحقائق والأفكار والمساهمة فيها. هذا هو نهجٌ محوره الناس ذو أهمية خاصة للنساء والشباب والفئات المهمشة كفاعلين في برنامج عمل التنمية. كما ويدعو تقرير الفريق الرفيع المستوى أيضاً بأن يكون الناس « جزء أساسي لشراكة عالمية جديدة ». وللقيام بذلك، يجب إعطاء الناس الحرية للتعبير عن آرائهم والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم بدون خوف. فهم يحتاجون الى الوصول الى معلومات متعددة والى وسائل إعلام مستقلة، كما يحتاجون الى تعزيز القدرة على المشاركة الاجتماعية في وسائل الإعلام والمصادر الجماعية. بهذه الطريقة، يمكن للحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية فهم احتياجات المواطنين والتفاعل معها والاستجابة لها بطرق جديدة.
إن أحد الأهداف الإنمائية للألفية الحالية (MDGs) هو الحد من الفقر، وبالرغم من إحراز تقدم، سيبقى هذا الهدف أولوية قصوى في برنامج عمل التنمية لما بعد العام 2015. إن الفقر هو أكثر من مجرد نقص في الموارد، بل هو ضعف التمكين. إن إتاحة معلومات موثوقة وذات جودة للفقراء وتزويدهم بمننابر للصوت العام تعتبر خطوة مهمة في تحقيق هذا الهدف التنموي. وينطبق هذا بصفة خاصة على مجموعتين تتأثران عادة بالفقر بشكل غير مناسب وهما النساء والشباب.
تمكين المرأة. إحدى التوصيات من قبل الفريق الرفيع المستوى تتضمن تحقيق المساواة بين الجنسين والقضاء على العنف ضد المرأة. وبالنظر الى قلة عدد النساء في وسائل الإعلام في معظم المجتمعات والضغوط الخاصة التي يواجهنها، ما زال هناك الكثير من الاشياء التي يتعين القيام بها لتعزيز المساواة بين الجنسين في هذه المهنة. ويُعتبر المنتدى العالمي لليونسكو حول المساواة بين الجنسين والإعلام الذي انطلق في بانكوك في كانون الأول عام 2013 خطوة هامة في هذا الاتجاه.
تمكين الشباب. غالباً ما يكون الشباب هم أول من يتكيف مع التكنولوجيا بما فيها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICTs). ويعتبر استخدامهم لها عنصراً حاسماً في الحركة السياسية العالمية منذ حركة ريفورماسي (Reformasi) في أواخر التسعينات وحتى حركة الربيع العربي في الآونة الأخيرة. هناك حاجة لضمان أن يُسمع صوت الشباب، المدعم بالدراية الاعلامية والمعلوماتية، في المناقشات حول التنمية، لإشراك الشباب الذين مكنتهم وسائل الاعلام وثقافتهم الاعلامية والمعلوماتية من لعب دور مهم في هذا المجال.
إن اليوم العالمي لحرية الصحافة 2014 هو الوقت المناسب لتعميق الفهم عن وسائل الإعلام وعن جدول أعمال التنمية لما بعد العام 2015.
جائزة اليونسكو / غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة لعام 2014
أنشئت جائزة اليونسكو – غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة من قبل المجلس التنفيذي لليونسكو عام 1997 على شرف الصحافي والناشر الكولومبي المغدور غييرمو كانو إيسازا.
و تمنح سنوياً بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو) لتمييز فرد أو منظمة أو مؤسسة ساهمت بشكل بارز في الدفاع و/أو تشجيع حرية الصحافة في أي منطقة من العالم، لا سيما في حال تعرض حياة الصحافي للخطر. ويتوافق غرض هذه الجائزة مع سياسات اليونسكو، ويتصل ببرنامج المنظمة في مجال الاتصال وتداول المعلومات، ويرتبط على وجه الخصوص بأولوية تعزيز بيئة مؤاتية لحرية التعبير وحرية تداول المعلومات.. وتسلم الجائزة التي تبلغ قيمتها 000 25 دولار أمريكي سنويا في حفل مخصص لهذا الغرض. وستُمنح جائزة اليونسكو/غييرمو كانو لعام 2014 خلال المؤتمر الخاص باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي سيُعقد في 3 مايو، بمقر المنظمة بباريس.
المصدر: اليونسكو (بتصرف)