تحميض البحار والمحيطات يتلاحق بأسرع وتيرة
2013/11/24
تمثل ظاهرة تحميض البحار والمحيطات، التي تتلاحق بوتيرة غير مسبوقة، أحد الآثار الأكثر إثارة للقلق الناجمة عن تغير المناخ. والواقع أن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير إنما يشكل الطريقة الوحيدة لانخفاض المخاطر إلى أدنى حد، وهذا هو ما يتبين من نتائج الندوة الثالثة بشأن تحميض المحيطات*، وهي النتائج التي قُدمت على هامش المؤتمر المعني بتغيرات المناخ المنعقد في وارسو (بولندا) من 11 إلى 22 نوفمبر الجاري.
تُلخص الوثيقة التي أعدتها لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات واللجنة العلمية لعلوم المحيطات، فضلاً عن البرنامج الدولي للغلاف الأرضي والمحيط الحيوي، النتائج التي توصل إليها 540 خبيراً من 37 بلداً، ويرد فيها مسح للبحوث التي أجريت بشأن هذا الموضوع.
إن المحيطات، التي تمتص ما يقرب من ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يطلقها البشر في الجو، شهدت زيادة في معدلات الحموضة بلغت نسبتها 26% منذ بداية العصر الصناعي. وكل يوم، تمتص مياه البحار 24 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. وإذا ما بقيت بالفعل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون دون تغيير، فسيزداد هذا المعدل بنسبة 170% بحلول عام 2100 مقارنةً بالمستويات التي كانت سائدة قبل العصر الصناعي.
ومن ثم، فإنه كلما اشتدت حدة الحموضة، انخفضت قدرة المحيطات على معالجة ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الجو، مما يقلل في الوقت عينه من دور التخفيف الذي تقوم به المحيطات في تغير المناخ. وتثير هذه الظواهر قلقاً بالغاً ولاسيما عندما تقترن بتهديدات أخرى تتعرض لها النظم الإيكولوجية البحرية مثل احترار المياه والإفراط في أنشطة صيد السمك والتلوث.
إذا كانت بعض الكائنات، مثل الأعشاب البحرية وبعض العوالق النباتية، تستطيع، فيما يبدو، الصمود أمام معدلات حموضة أكثر ارتفاعاً، فإن كائنات أخرى، مثل المرجان والقشريات، قد تتأثر تأثراً شديداً. وقد يؤدي ذلك إلى تغيرات كبيرة في النظم الإيكولوجية البحرية ويفضى إلى نتائج اجتماعية اقتصادية مهمة. وبحلول عام 2100، يتوقع الخبراء فعلاً أنه، إذا استمرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مستواها الحالي، فقد يشهد قطاع صيد المحاريات خسائر تُقدّر بمبلغ 130 مليار دولار سنوياً.
على الرغم من أن معرفة آثار ثاني أكسيد الكربون على البحار والمحيطات وغيرها حققت تقدماً، فإن العلوم لا تستطيع حتى اليوم توفير إسقاطات أكيدة حيال تأثيره في البيئة. فما زالت هناك أسئلة عديدة تبقى حتى اليوم بدون إجابة؛ وهي: ما هي التداعيات التي ستتعرض لها النظم الإيكولوجية البحرية؟ ما الذي سيحل محل الأنواع التي ستنقرض؟ هل من الممكن لبعض الأنواع أن تتكيف مع الظروف المستجدة؟
وهذا هو ما دعا العلماء إلى أن يطالبوا بوضع مبادرات من شأنها تطوير المعارف المتعلقة بظاهرة التحميض، من قبيل الشبكة المعنية بتحميض المحيطات التي شاركت في إقامتها لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، والمشروع الدولي لتنسيق البيانات الخاصة بكربون المحيطات الذي تنفذه لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات واللجنة العلمية لعلوم المحيطات.
كما يود أيضاً هؤلاء العلماء إقامة آليات دولية من شأنها معالجة مسألة تحميض المحيطات بالتحديد، وذلك من أجل ألاّ تبقى هذه المسألة على هامش المفاوضات الخاصة بتغير المناخ.
*عُقدت في مونتيري (الولايات المتحدة) في سبتمبر 2012 الندوة الثالثة بشأن المحيطات في عالم يشهد معدلات مرتفعة لثاني أكسيد الكربون.
المصدر: اليونسكو