رئيس اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا يجيب على ثلاثة أسئلة محورية
2012/09/12
على هامش افتتاح الاجتماع الهام في باريس للجنتي أخلاقيات البيولوجيا الدولية والحكومية الدولية، وضح الأستاذ ستيفانو سيمبليسي، رئيس اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا، دوافع وأهداف مشاريع التقريرين حول الطب التقليدي ومبدأ عدم التمييز.
الطب التقليدي وعواقبه الأخلاقية هو احد أهم القضايا المعقدة في أخلاقيات البيولوجيا في الوقت الحاضر. كيف تم إعداد مبادرة اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا وصياغة تقريرها عن هذه المسألة، وما هو الهدف النهائي وراء ذلك؟
ان المسألة « معقدة »، كما أشرت عن حق، مما تطلب إشراك العديد من الموارد والكفاءات. كما تطلب الأمر كذلك الاستماع الى ممارسي المهنة التقليديين من مناطق مختلفة من العالم لتقديم خبراتهم ونتائج أبحاثهم. وقد توجهنا الى نحو 100 من معاهد البحوث المتخصصة في جميع أنحاء العالم لملء استبيان مصمم لجمع المعلومات. وفي ذات الوقت، عملنا على أساس تبادل الآراء مع الزملاء في اللجنة الدولية الحكومية لأخلاقيات البيولوجيا وخبراء من قطاع العلوم الطبيعية باليونسكو وقطاع الثقافة، وكذلك منظمة الصحة العالمية.
وكان هذا التعاون الواسع ضروريا لتسليط الضوء ليس فقط على الأسئلة الرئيسية التي يتعين معالجتها، ولكن أيضا على وجهات النظر المختلفة والحلول المتاحة. فنحن في نهاية المطاف، لا نقوم بمجرد محاولة للعمل على وضع اللمسات الأخيرة على تقرير، بل نحاول رسم الخلفية النظرية والأخلاقية للمناقشة التي ربما يتعين عليها ان تبقى مفتوحة.
ومع ذلك، فمن المهم ألا يغيب عن بالنا النقطة الحاسمة. ففي الطب التقليدي، كما هو الحال في كل أنواع الطب، تكون الصحة العامة في خطر. ان ما نتحدث عنه هو حق أساسي من حقوق الإنسان: فمن الواضح أن الصحة أمر أساسي للحياة نفسها، كما اشير إلى ذلك في المادة 14 من الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان الصادر في عام 2005. ويشكل ذلك الفرضية والهدف في آن معا لمبادرة اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا: الحصول على الرعاية الصحية الجيدة هي قضية محورية ضمن مفهوم أخلاقيات البيولوجيا التي عملت بها اللجنة على مدى هذه السنوات.
في مشروع تقريرها حول عدم التمييز وعدم الوصم، حددت اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا ست مواضيع رئيسة للتفكير في تقرير واحد، في حين أن كل واحد من هذه المواضيع يشكل مشكلة في حد ذاتها. ما هو السبب وراء هذا الجمع؟
كلفت اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا بمعالجة القضايا الأخلاقية الرئيسية المتصلة بالتقدم في الطب، وعلوم الحياة والتكنولوجيات المرتبطة بها. المواضيع التي تم تحديدها، هي من بين تلك المواضيع التي لم يسبق لها مثيل من حيث وتيرة تقدمها والتي تبدو أكثر فأكثر تحديا من الزوايا الأخلاقية والسياسية والقانونية.
أنت محق تماما: كل واحد من هذه المواضيع يستحق اهتماما خاصا. ان ما نحاول القيام به هو اجراء مزيد من الدراسة حول مبدأ عدم التمييز وعدم الوصم المنصوص عليهما بوضوح في إعلان عام 2005، وذلك ليس ارتباطا فقط بالمسائل التقليدية ذات الصلة بالصحة والرعاية الصحية، ولكن أيضا بالتيارات الرئيسية الحالية للبحث العلمي.
وهناك هدف آخر، هو أيضا توفير نوع من « مظلة مفاهيمية » للتأكيد، وتعزيز الوعي، بأن الاكتشافات الجديدة تنطوي في كثير من الأحيان على مخاطر مماثلة. ففي المستقبل القريب، سيكون من الممكن ممارسة التمييز ضد أشخاص بطرق جديدة أكثر دهاء، وبالتالي أكثر خطورة. وهذا هو السبب في حاجتنا إلى المزيد من التعليم والثقافة، جنبا إلى جنب مع العلم.
يعتبر الفقر عموما أحد الأسباب الأساسية وراء العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في جميع أنحاء العالم. كيف تنظر إلى مبدأ عدم التمييز وعدم الوصم في ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية؟
ان الافتقار إلى الموارد يجعل كل شيء أكثر صعوبة. هذا واضح، حيث يوجد الفقر على نطاق واسع، فنجد مستوى أعلى من الأمية وتوقع حياة أقصر، بالإشارة إلى العناصر الأساسية لمؤشر التنمية البشرية. بقدر ما يكون عدم المساواة الاقتصادية أعمق، بقدر ما تزداد الاختلافات في الفرص التي تتوفر في الواقع للناس، فضلا عن زيادة الاشتباه ضد ووصم كل نوع من « الغرباء ».
وعليه، فإننا مدعوون أكثر في « الأوقات الصعبة » لتعزيز أواصر التضامن على حساب المصلحة الشخصية. من الجدير بالذكر، أن أول مبدأين من مبادئ « الميثاق العالمي » نفسه، الاشارة إلى حقوق الإنسان. ان الاستجابة للأزمة، لا تكون بالانسحاب وراء حصن وبإجراءات الأمن الوهمية على أساس الهويات المنفصلة والامتيازات القديمة والجديدة. وغني عن القول، أن لليونسكو دور كبير لتلعبه، وذلك لتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة لنهج قائم على حقوق الإنسان كبديل لجميع أشكال التمييز والوصم.
المصدر: اليونسكو (أجرى المقابلة خالد أبو حجلة)