على طريق المدرسة، في مواجهة الصعاب
2013/03/5
بالنسبة إلى بعض الأطفال، لا يتطلّب الوصول إلى المدرسة سوى العبور إلى نهاية الشارع. لكن لآخرين وهم كثر، يمثّل الطريق اليومي إلى المدرسة مجازفة حقيقية قد يتخلّلها عبور المناطق الصحراوية الجافة، اجتياز الأنهر الغزيرة، تحمّل العواصف الثلجية والمرور عبر أحياء سكنية خطيرة.
في كلّ يوم، يبدأ أطفال العالم رحلتهم المعتادة إلى المدرسة سعياً إلى التعليم. يجتازون مسافات طويلة مستخدمين وسائل نقل متعدّدة بدايةً بالمشي على الأقدام، فالباصات والقوارب والدرّاجات الهوائية وعربات الريكشا، وحتى المزلجة والقطار. يجتازون الصحارى والجبال والأودية والثلوج والجليد – كحال مجتمع هنود « الأنيوبيات » في كيفالينا، ألاسكا (الولايات المتحدة)، حيث يذهب الأطفال إلى مدارسهم كل يوم في عتمة ليل قطبي وبرد قارس. يسير الأطفال المحظوظون منهم بملابسهم الثقيلة، فيما يضطر أصدقاؤهم الآخرون للركض ليحافظوا على حرارة أجسادهم ويحاربوا البرد بالحركة.
يمتطي فابريسيو أوليفيرو حماره في كلّ صباح ليبدأ مع أقربائه رحلة تستغرق أكثر من ساعة يجتاز خلالها منطقة صحراوية قبل الوصول إلى مدرسة قرية « إكستريما » الصغيرة الواقعة في منطقة « سيرتاو » في البرازيل.
أما كيلي (14 سنة)، وهي من البرازيل، فتعيش في سورينام حيث تجتاز يومياً نهر « ماروني » عبر القارب لتصل إلى مدرستها في « ماريباسولا » في غويانا الفرنسية.
تعيش إليزابيث أتينيو في « كيبيرا »، وهي إحدى أكبر الضواحي السكنية غير المنظّمة في شرق إفريقيا قرب العاصمة نيروبي، كينيا. في ثوبها المدرسي النظيف، تستهلّ رحلتها اليومية إلى المدرسة عبر طريق طويل وخطير، حيث أعلن أساتذتها أن ما لا يقلّ عن 20 في المئة من زميلاتها تعرّضن للاغتصاب.
أما أمل من ليبيا، وسعادة من نيجيريا (9 سنوات)، ورينالدو من فرنسا (6 أعوام)، فهم يبدون تصميم ملفت للوصول إلى المدرسة في كلّ يوم. يظهرون لنظرائهم من أطفال العالم أنه يمكن الحصول على التعليم رغم الصعوبات المتمثّلة بالفقر، عدم المساواة، التهميش الاجتماعي، التوتّر الأمني، الكوارث الطبيعية أو النزاعات.
لكلّ صورة رواية
تمّ نشر هذه القصص الملهمة وغيرها في « على طريق المدرسة »، معرض صور خاصة افتُتح في 4 مارس 2012 في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، من قبل المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ويجري هذا المعرض بفضل التعاون الفريد بين كلّ من اليونسكو و »فيوليا ترانسديف » و »سيبا بريس »، التي وكّلت 18 مصوّراً صحفياً لتسجيل رحلات الأطفال إلى مدراسهم في كافة أنحاء العالم. وتتوفّر الطبعة نفسها بكامل صورها باللغتين الفرنسية والإنكليزية.
وقالت إيرينا بوكوفا في تصريح لها حول الصور الواردة في هذا المعرض »أرى في كلّ طفل من هؤلاء الأطفال مصدر وحي وإلهام لعمل اليونسكو في مجال نشر التعليم النوعي للجميع »، مضيفةً أن « هذه الرحلات هي سبب كافٍ لجعل التعليم من أهمّ الأولويات على جدول التنمية العالمية في السنوات المقبلة ».
تشكّل مسألة إعادة وضع التعليم على سلّم الأولويات في جدول التنمية العالمية الهدف الأساسي من مبادرة « التعليم أولاً » التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة. رغم تحسّن معدّلات الوصول إلى التعليم في السنوات الأخيرة، لا يزال الفقراء والمهمشون في العالم غير قادرين على تلقّي التعليم الملائم بسبب الفقر، الإثنية، المسافة، النوع الإجتماعي، وأحياناً بسبب مزيج من هذه العوامل.
تساهم الصور والقصص التي تناولها المعرض وكتاب « على طريق المدرسة » في لفت الانتباه مجدداً إلى ضرورة إعطاء جميع الأطفال في كافة أنحاء العالم، بما فيهم أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية البعيدة، فرصة الذهاب إلى المدرسة. بعد نيويورك، سيتمّ إقامة هذا المعرض في مختلف دول العالم لمدّة ثلاث سنوات، وحتى 2015. وسيصل إلى مقرّ اليونسكو في باريس في أبريل 2013، حيث يبدأ جولته حول العالم.
المصدر: اليونسكو