معايير الرقابة والمساءلة في التعليم الداعمة لتحقيق الهدف الرابع لخطة التنمية المستدامة 2030
2018/03/27
معايير الرقابة والمساءلة في التعليم الداعمة لتحقيق الهدف الرابع لخطة التنمية المستدامة 2030
» وفق توصيات تقرير اليونسكو لرصد التعليم 2017/2018 »
مقدمــــــة
إن من بديهيات العمل الإداري وتنفيذ الخطط وضع أليات محددة للرقابة والمساءلة تعمل على تحديد الانحرافات وتقويمها لضمان سير الأداء وفق المعايير والأليات الموضوعة لتحقيق الأهداف المبتغاة ، وذلك ما كان جلياً ومفصلاً في صياغة معايير ومؤشرات لرصد التعليم وتقييمه وفق مضامين البند الرابع المخصص للتعليم في خطة التنمية المستدامة لليونسكو 2030 )[1](، فقد تم إصدار أليات للرقابة ومؤشرات لرصد الأداء في تنفيذ الخطة فيما يخص هذا البند ، حيث أشارت منظمة اليونسكو نصاً في تقريرها حول المساءلة في مجال التعليم 18/2017 ص 5 ، إلى أن :
» تلبية لطموحات الهدف الرابع المخصص للتعليم في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ينبغي تحديد المسؤوليات تحديداً واضحاً، ومعرفة متى وأين يتم الإخلال بها، وما هو الإجراء الواجب اتخاذه في هذا الصدد، فغياب المساءلة يعني تقويض التقدم نحو الهدف المنشود، ويسمح للممارسات الضارة بالتوغل والتجذر في صميم النظم التعليمية« .
ولذلك اعتبرت المنظمة أن تحقيق الهدف الرابع لخطة التنمية المستدامة بحلول عام 2030، يتطلب وجود أليات وطنية وعالمية للحوكمة والمساءلة والرصد والمتابعة والاستعراض والإبلاغ والتقييم، وأن المسؤوليات مشتركة في تحقيق ذلك ، ولا يمكن حصر المساءلة في طرف واحد ، وغالباً ما يتطلب جهداً جماعياً تشترك فيه كل الأطراف الفاعلة )[2](، ولكي يتحقق ذلك ينبغي المواءمة بين المصالح السياسية والاقتصادية ، وتوفير بيئة مناسبة لأداء المسؤوليات من معلومات واضحة وموارد وقدرات كافية .
وبرغم أن المساءلة أصبحت وسيلة في غاية الأهمية لتحسين النظم التعليمية، إلا أنها حسب ما يتضمنه البند الرابع ينبغي ألا تكون هدفاً في حد ذاتها بل وسيلة لتحقيق غايات الهدف.
في هذه الورقة نهدف إلى بيان أهم الأليات والأساليب المعتمدة في الرقابة والمساءلة على التعليم وفق توجهات البند الرابع من خطة التنمية المستدامة 2030، استكمالاً لما نشرته المندوبية سابقاً حول البند الرابع المخصص للتعليم في خطة التنمية المستدامة لليونسكو 2030، وذلك سيكون اعتماداً على التقارير والدراسات الصادرة من اليونسكو والمنظمات الدولية المعتمدة التي تناول هذا الجانب، وبخاصة وفق ما جاء في تقرير منظمة اليونسكو حول المساءلة في مجال التعليم 2017/2018.
نظرة اليونســـكو لمفهوم المســـاءلة في مجـــــال التعـليم
تنشر منظمة اليونسكو في تقريرها العالمي لرصد ورقابة التعليم 2017/2018، دور المساءلة في النظم العالمية للتعليم في إطار تحقيق الهدف الرابع لخطة التنمية المستدامة 2030، وتشير إلى أنه بالرغم من أن المساءلة يمكن أن تعرف بوصفها فضيلة معبرة عن صفة الشخص القابل للمساءلة والموثوق به، إلا أنه يُنظر إليها على أنها نوع من الأليات التي تلزم الحكومة والأطراف الفاعلة المعنية بالتعليم، من الناحية القانونية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية على أن تبلغ عن مدى الوفاء بمسؤولياتها.
ونظراً لأن مخرجات التعليم تعتمد على أطراف فاعلة متعددة تقوم بأداء مسؤولية مشتركة، فإن المساءلة لا يمكن حصرها بطرف فاعل واحد، لأن مضامين الهدف الرابع للتنمية المستدامة تدعو إلى جهد جماعي لتحقيقه، تشترك فيه كل الأطراف الفاعلة من أجل الوفاء بمسؤولياتها، كذلك فإن المساءلة تتطلب بيئة مواتية، من معلومات واضحة وموارد وقدرات كافية.
مســؤوليـــات الأطـــراف الفــــاعلة وأســس مســـائلتـها)[3](
1/ الحكومات
يقع على عاتق الحكومات المسؤولية الأولى والنهائية عن مواكبة التقدم لتحقيق الأهداف العالمية للتعليم، وبشكل عام تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزامات التعليم ورسم خططه وتنفيذها، بوصفها الجهة المؤتمنة بالأساس على إدارة التعليم وتمويله، وفقاً للواقع المحلي ومتطلبات هدف التعليم في خطة التنمية المستدامة.
وذلك من خلال:
أ. المسؤولية القانونية:
تلتزم معظم بلدان العالم وفقاً لدساتيرها وقوانينها المحلية بحق الجميع في التعليم، كذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وبالتالي فهي ملتزمة بذلك ويمكن أن تلاحق قانونياً محلياً وخارجياً.
ب. الالتزام بالتقارير الدولية:
تنص اتفاقيات الأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان على أنه على الدول التي صادقت عليها، تقديم تقارير دورية عن مدى الوفاء بالتزاماتها، وإنشاء أليات محلية تواكب الأليات الدولية في التنفيذ والرصد والرقابة.
ج. ضغط العملية السياسية والحركات الاجتماعية:
إن اختيار القادة الوطنيين وفقاً لانتخابات نزيهة، يشكل ضغطاً على المسؤولين للوفاء بوعودهم الانتخابية ويجعلهم عرضة للمساءلة بشكل عام، بما في ذلك بشأن سياسات التعليم المتبعة ومدى نجاحها وتحفزهم على تحسينها، كما ان الحركات الاجتماعية للمواطنين تشكل ضغطاً على المسؤولين في هذا الجانب، مثل حركات المجتمع المدني واتحادات الطلاب ونقابات المعلمين وغيرها من المؤسسات المعنية بشأن التعليم.
د. دور وسائل الاعلام في المساءلة:
يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بدور رقابي على الحكومة وتساعد على توضيح أدائها للمواطنين، كذلك يمكن أن تساعد مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتعليم على نشر أراءها وضمان مشاركتها في تقييم النظام التعليمي، كما أن وسائل الاعلام يمكن ان تساعد في نشر المعلومات والبيانات عن التعليم فيما يخص معدلات الجودة وعمليات الانفاق لكي يمكن متابعتها وتقييمها.
ه. التسلسل او التوصيف الواضح للمسؤوليات في خطط التعليم:
إن تضمين خطط التعليم لتوزيع الاختصاصات وتحديد المسؤوليات بشكل واضح، يساعد في عمليات الرقابة والمساءلة، كما أن توزيع الخطط العامة في شكل خطط فرعية وتنتقل مسؤولياتها من مستوى لأخر بشكل متسلسل يعطي فرصاً للمساءلة بصورة مباشرة لكل مستوى من المستويات الفرعية والعامة المسؤولة عن تنفيذ الخطط.
و. متابعة إعداد الميزانية:
يفترض أن يكون إعداد الميزانية الخاصة بالتعليم واضحاً ومُشاركاً فيه من قبل الأطراف الفاعلة، وأن يتسم بالإنصاف في تخصيص الموارد، وأن تكون بنود الانفاق محددة وفقاً للبرامج والخطط المعتمدة، وليس وفق مسميات عامة سابقة ومعتادة، كما أنه من الضروري التقيد بشكل صارم بالإنفاق وفقاً للبنود المحددة بصورة واضحة ومتابعة لكل تفاصيلها لكي يتم ضمان وصولها الى الجوانب أو البنود المخصصة من أجلها.
ز. المساءلة الأفقية:
هناك عدة جهات تمثل المساءلة الأفقية، منها اللجان التشريعية التي يفترض أن تتضمن مختصين في التعليم، والمحاكم، والتي يمكنها مساءلة ورقابة الجهات التنفيذية، بالإضافة إلى المراجعة الداخلية والخارجية على قطاعات التعليم، التي يفترض أن تؤدي دوراً فاعلاً في الرقابة على الأداء وتنفيذ الميزانية والرقابة على الانفاق وفق بنودها، وتحد من الفساد وسوء تخصيص الموارد.
ح. نزاهة وشفافية المؤسسات:
إن نزاهة المؤسسات التعليمية ووضوح عملها يضمن الرقابة الفاعلة والمساءلة والتصدي للأخطاء ومحاولات التجاوز، في كل الجوانب بداية من رقابة التحويلات المالية من الحكومة إلى قطاعات التعليم إلى المؤسسات التعليمية، ورقابة تنفيذ الخطط، وذلك عندما تتوفر الهياكل القانونية الفاعلة والمناسبة لهذه المؤسسات والإلزام الواضح لتنفيذ الخطط والكوادر البشرية القادرة على تنفيذها من ناحية الكفاءة والنزاهة.
ك. موضوعية المساءلة:
يجب أن تكون عملية المساءلة مبنية على بيانات دقيقة بصورة متنظمة ومفصلة ما أمكن، وألا تتم عمليات المقارنة وتحديد الانحرافات على مستوى مركزي فقط، بل على كل المستويات الفرعية، وذلك من خلال انتظام إصدار التقارير المحلية عن كل تفاصيل العمل وتنفيذ الخطط.
ل. ضمان الحصول على التعليم بتكلفة معقولة:
من مضامين الانصاف في التعليم وفق الهدف الرابع، أنه يجب أن تكون هناك تشريعات وطنية تضمن توفير تعليم بتكلفة يمكن تحملها من الطلاب، وتضع حدوداً للمؤسسات التعليمية في قيمة رسومها الدراسية.
2/ مسؤولية المؤسسات التعليمية والتدريبية
تُعد المؤسسات التعليمية والتدريبية بكافة مراحلها مسؤولة ومساءلة، بصفة رسمية أمام الحكومات وبصفة غير رسمية أمام أولياء الأمور والطلاب، ويتم التوجيه بإعطاء صلاحيات القرار لهذه المؤسسات بصورة كبيرة فيما يخص شأن إدارتها، وذلك يساهم في عملية الرقابة والمساءلة بصورة أدق وأكثر وضوحاً.
أ. اللوائح القانونية في مراقبة جودة المدارس:
إن وجود اللوائح القانونية الصارمة والنافذة تمكن من تعرض مسؤولي المدارس للمساءلة، مما يحسن من أداءهم ويفعل مسؤولياتهم، ومثال على ذلك تفيد كثير من الدراسات إلى أن فاعلية عمليات التفتيش المدرسي تضع ضغوطاً على مدراء المدارس والمعلمين وتدفعهم إلى تحسين الأداء، والرفع من جودة التعليم والتعلم وجودة الإدارة المدرسية.
ب. ضبط المؤسسات التعليمية الخاصة:
يشير تقرير اليونسكو لرصد التعليم 2017/2018، إلى أن هناك توسعاً ملحوظاً للمؤسسات التعليمية الخاصة، حيث وصلت إلى أكثر من 20 في المائة ما بين 2005 إلى 2015، مما أفقد القدرة لكثير من الحكومات في ضبط ورقابة هذه المؤسسات وإخضاعها للمعايير المعتمدة، حيث تفتقر كثير من البلدان لوجود بيئة تنظيمية صارمة، وذلك يؤثر على تحقيق الإنصاف والجودة في التعليم ويتطلب جهود مشتركة لمواجهة هذا الوضع.
ج. التفتيش على جودة التعليم:
أصبح التفتيش المدرسي لدى الدول المتقدمة يركز على المعايير التنظيمية نحو تقييم جودة التعليم والتعلم في المدارس، بينما لايزال في كثير من الدول النامية يعاني من قلة الموارد وضعف القدرات، وينبغي أن يتم إصلاح عملية التفتيش لتتضمن الاهتمام بجودة وفق أهداف والمؤشرات المختصة والواردة في الهدف الرابع من خطة التنمية المستدامة.
د. التركيز على ضمان جودة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة:
بالاتساق مع أهداف البند الرابع تبنى البنك الدولي نهجاً يقوم على نظم لتحسين نتائج التعليم خلال الفترة من 2010-2015، يتضمن معايير للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ونظم رصد ومراقبة الامتثال، يمكن أن يستعان بها في رقابة نظم التعليم في هذه المرحلة، منها البنية التحتية ونسبة التلاميذ للمعلمين، وتقييم المعلمين كل فترة وفقاً لمعايير التعليم الجيد، التي تشير الى التقويم الذاتي والملاحظات الخارجية وغيرها، حيث تعتبر من المعايير المتبعة في بعض الدول لاستمرار أو إقالة المعلم من وظيفته، كما أن هناك تقييم لجودة التفاعل بين المعلمين والأطفال، أو تغيير تصميم سياسة الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة بغرض التحسين وتقويم الخلل الذي قد يظهر في نتائج النظام، كذلك تعد مساهمات أولياء الأمور هامة جداً في ضمان جودة الرعاية في هذه المرحلة، من خلال استطلاع أراءهم ومدى رضاهم، و قد ساعدت هذه الأساليب تفعيل الرقابة والمساءلة في نظم التعليم لكثير من البلدان.
ه. تغيير أساليب وأدوات ضمان الجودة في التعليم العالي:
تُعد هيئات أو مراكز جودة التعليم من ضمن أهم المؤسسات المعنية بالقرابة والمساءلة ، من خلال المعايير الدولية المعتمدة في تقييم جودة الأداء التعليمي ومستوى مخرجاته، التي أدرجتها كثير من الدول في معايير الوطنية كأساس للتقييم والمساءلة وفق الاتفاقيات الدولية كاتفاقية لشبونة)[4]( لتنمية النظم الوطنية للجودة، وتشمل معايير الجودة المعتمدة في كثير من بلدان العالم، التقييم المؤسسي الذاتي، وتقييم الخبراء الخارجيين والأقران، وتقارير التقييم الرسمية وغيرها.
و. جودة المهارات المهنية:
إن وجود نظام ذو جودة عالية في التدريب على تنمية المهارات المهنية، يمكن الحاصلين على هذه المهارات من مساءلة المؤسسات والجهات المقدمة للبرامج التدريبية، ولذلك يفترض أن تشمل متطلبات برامج الاعتماد والجودة المؤسسات التدريبية المقدمة لخدمة تنمية المهارات المهنية، ومن أهم معايير تقييم هذه المؤسسات تقديمها لخدمات تجعل المنتفعين بها قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل.
ز. استخدام نتائج التعلم:
تستخدم أغلب البلدان نتائج التعلم على مستوى المؤسسة التعليمية أو على مستوى الطلاب في التقييم والمساءلة، حيث يتم استخدام نتائج التقييم النهائي والمقارنة مع المؤسسات التعليمية المناظرة في تقييم مدى الامتثال للمعايير المعتمدة ، كما يتم الاعتماد على اتخاذ نتائج الطلاب في تقييم مستوى التحصيل ومدى قبولهم للمراحل التالية ، بالإضافة إلى أن هناك مقررات معينة تستخدم كمؤشرات عن مستوى التحصيل والأداء كاللغة والرياضيات ، وفي ذلك تختلف الدول في معايير التقييم المحلية ، ولكن تقييمها دولياً يكون خاضعاً لمعايير محددة يفترض أن تتوافق معها المعايير المحلية. غير أن هناك من يرى أن معايير النتائج قد لا تقدم أدلة واضحة على الأداء، حيث أن كثير من البلدان لا تُقيم الطالب أو تقبل انتقاله إلى مرحلة الأخرى وفق نتائجه، وهناك كثير من المؤسسات قد تعمل على إظهار نتائج ذات مستويات عالية بشكل مقصود وغير واقعي لكي تظهر أن أدائها يسير بصورة أفضل، وعليه يفترض أن تصاحب هذه المعايير معايير أخرى، لها علاقة بالقدرة المهارية المكتسبة ومدى التوافق مع المعايير الدولية.
ح. المنافسة التجارية بين المؤسسات التعليمية:
إن ما تخلقه المنافسة التجارية من خلال التكلفة والرسوم ومستوى الخدمة المقدم، يجعل أولياء الأمور والطلاب يختارون أو يفضلون مؤسسة تعليمية عن غيرها، ويظهر رأياً عاماً من خلالهم عن سبب الاختيار والعيوب والمزايا التي تخص كل مؤسسة، مما يدفع المؤسسات التعليمية إلى رفع مستوى الأداء والخدمات المقدمة، ويخلق ألية أو مؤشرات تستخدم للرقابة والمساءلة.
ط. المجتمعات المحلية:
إن المشاركة الاجتماعية من خلال الجماعات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، في تقييم البرامج والسياسات التعليمية ومستوى أداء المؤسسات التعليمية وخلق رأي عام حولها، يمثل نوعاً من المساءلة المجتمعية التي ممكن أن تُحسن من استجابة المؤسسات التعليمية وترفع من كفاءتها، غير أن ذلك لا يكون مؤثراً بصورة كبيرة إلا عندما يكون مستمراً ومنظماً من خلال حوار مجتمعي دائم وفعال حول هذه القضايا.
3/ مسؤولية المعلمين:
يعتبر المعلمون مسؤولين ومعرضين للمساءلة بصورة مباشرة أمام مؤسساتهم وأمام الأطراف الفاعلة الأخرى عن مستوى التعليم والتأهيل للطلاب ومستوى أداء المؤسسة التعليمية بشكل عام، وذلك يمكن أن يتمثل فيما يلي:
أ. المسؤولية في المشاركة في توفير تعليم عالي الجودة:
تختلف الأساليب المستخدمة في تقييم المعلمين ومستوى مساهمتهم في توفير تعليم عالي الجودة، حيث تتخذ ساعات عمل المعلمين أبعاداً أكثر من التدريس، لتشمل ساعات مشتركة بين المناهج التدريسية وتأهيل الكفاءات الاجتماعية والسلوكية، وذلك بتحديد ساعات تدريس المنهج والساعات الأخرى التي يعمل فيها المعلم مع الطلاب تتعلق برفع كفاءتهم في مجالات أخرى، كذلك هناك طرق لتقييم المعلمين عن طريق دراسات استقصائية للطلاب وأراءهم في معلميهم، بالإضافة إلى أن طرق مساءلة المعلمين حول هذه الأعمال يفترض أن تكون وفق ثقة الحكومة والمؤسسات التعليمية والجمهور بهم، مع عدم إغفال أن المعلمين يتحملون مسؤوليات ويقدمون أداءاً قد لا يُعترف به أو يتلقون مكافئة عليه، مما يؤدي إلى إحباطهم والنيل من حوافزهم، ويؤثر في موضوعية وعدالة مساءلتهم، حيث أن هناك من يقوم بعملية المساءلة مفترضاً، أن جميع الأطراف الفاعلة في مجال التعليم متفقة على النتائج التي يمكن قياسها بدقة، وأن المسؤوليات محددة تحديداً واضحاً، وأن هذه الأطراف لديها القدرة على التأثير في النتائج المرجوة، بالإضافة إلى ان الحوافز المتوفرة تدفع نحو تحقيق هذه النتائج.
ب. الأساليب الشائعة في تقييم المعلمين:
من الأساليب الشائعة التي تستخدم في تقييم المعلمين، قاعة الدرس من خلال مديرو المدارس، الخبراء الإداريون، الأقران، أو مراقبين ذوي خبرة في المقررات التعليمية أو المناهج التربوية، فبعض الدول تستخدمها لأغراض التمكين ومنها لأغراض الترقية أو تمييز الكفاءة، وهناك دول تستخدم استقصاءات الطلاب، إذا تم الوثوق في قدرتهم على التقييم بحيادية، كذلك من خلال اختباراتهم ونتائجهم.
ج. المساءلة المهنية:
في حال وجود ثقة من الجمهور في قدرات المعلمين وأن لديهم مهارات وخبرات مهنية، فإن مشاركة المعلمين في المساءلة المهنية للأقران يمكن أن تكون أداةً فاعلة، حيث يتم مشاركة المعلمين الأعلى كفاءة مع نظرائهم الأقل في التدريس وتنفيذ المقررات، ويشاركون في تقييمهم والرفع من مهاراتهم المهنية، كما أن هناك كثير من الدول تعتمد مدونات أو وثائق لأخلاقيات مهنة التعليم لتكون مبادئ مهنية توجيهية لتشكل انضباط ذاتي لدى المعلم للالتزام بها.
د. مشاركة المواطنين في مساءلة المعلمين:
يشارك المواطنين في أغلب البلاد في رقابة أداء والتزام المعلمين، من خلال مراقبة سلوكياتهم ومدى التزامهم بالحضور، البعض من خلال متابعة مدارس أبنائهم، وبعض الدول استخدمت بثاً مباشراً من داخل قاعات الدروس تُتاح مشاهدتها لأولياء الأمور لمراقبة ممارسات المعلمين وسلوك الطلاب، وذلك يكون بطبيعة الحال يكون أكثر فاعلية إن وجد اهتمام وقدرة للمواطنين على المراقبة والتقييم.
4/ مسؤولية أولياء الأمور والطلاب:
يقع على عاتق أولياء الأمور مسؤوليات تتضمنها برامج التقييم والمساءلة، فهم مسؤولون عن توفير بيئة منزلية وتوفير الدعم لأبنائهم من حيث الالتزام والجهد من أجل التعلم والتحصيل والسلوك الصحيح.
أ. الالتزام بمكافحة ظاهرة تهرب الطلاب من المدارس:
هناك بلدان تضع قوانين خاصة تُحمل أولياء الأمور مسؤولية ضمان انتظام حضور أبنائهم للمدارس، وتفرض عقوبات في ذلك منها حتى المالية من قطع إعانات الأسر عنهم وغير ذلك، أو الملاحقة الجنائية، أثبتت فاعليتها في كثير من الأحيان، ولذلك يفترض أن يتم الاهتمام بهذه القوانين الخاصة ونفاذها لمكافحة ظاهرة التهرب من المدارس ووضع مسؤوليات على أولياء الأمور لمساءلتهم عن ذلك.
ب. توفير بيئة أمنة للتعلم:
يفترض أن يساهم أولياء الأمور في توفير بيئة تشعر أبنائهم بالأمان وبالدعم في دراستهم، والتعاون مع المدارس في ضبط سلوك الطلاب وتحييدهم عن العنف والسلوكيات غير المقبولة، وذلك من خلال الاتفاق والتوافق على التدابير التأديبية المناسبة، وحضور أولياء الأمور مع المدرسة وتفاعلهم بصورة توافقية مع ذلك، كذلك على أولياء الأمور تقع مسؤولية تشجيع أبنائهم والمساهمة بأسلوب عاطفي وتربوي في مواجهة المشاكل التي تواجههم.
5/ مسؤولية المنظمات الدولية:
تقع على المنظمات الدولية مسؤولية مساعدة البلدان الأعضاء وغيرها من الأطراف المعنية، في وضع أهداف مشتركة للتعليم وإنشاء أليات التنفيذ وتحفيز الحكومات على دعم النظم التعليمية للوفاء بالمتطلبات والمعايير الدولية، ويشير تقرير اليونسكو للمساءلة في مجال التعليم 2017/2018، إلى أن مساءلة المنظمات الدولية ليست سهلة لأن هذه المنظمات مسؤولة أمام عدة أطراف معينة، وأن خطة استيعاب المصالح المتنوعة يصعب إدارتها، وترتيب الأولويات غير واضح وعملية المراقبة ضعيفة نسبياً، وأن المساءلة قد تكون غير واضحة كما في الوثيقة الأساسية للتنمية المستدامة. ولذلك فإن دور هذه المنظمات غير واضح ومحدد المسؤولية، وذلك لتداخل الخطط وتعدد الأدوار المنوطة بها، مما يُصعب على الأطراف الفاعلة مساءلتها، ورغم أن مسؤولية المنظمات الدولية وتحديد أهدافها يعد جيداً مقارنة بهذا الدور على المستوى العالمي، ويشير ذات التقرير إلى أن على المنظمات الدولية لكي تكون مسؤوليتها محددة ويسهل مراقبتها من الأطراف الفاعلة أن تراعي الاتي:
أ. شفافية وضع المعايير:
لقد كان من أولويات عمل المنظمات الدولية على وضع معايير للتعليم المنصف والجيد، وذلك ما أتضح في البند الرابع لخطة التنمية المستدامة 2030، وذلك بوضع إطار لهذه المعايير ومؤشرات التقييم والرقابة، الذي كان ولايزال مفتوحاً للتشاور المكثف والواسع، ولازال هناك مناداة لتوضيح مسؤولية هذه المنظمات في دعم تطبيق هذه المؤشرات والتواصل الممكن لدعم كافة الدول في هذا المجال.
ب. التزام الجهات المانحة بتقديم المعونة:
من ضمن مهام بعض المنظمات الدولية، تقديم الدعم المالي والتقني لتحسين أنظمة التعليم في الدول الفقيرة، من خلال التنسيق مع الجهات المانحة، التي تقدر حصة الجهة متعددة الأطراف من المعونة المقدمة للتعليم حوالي الثلث، ويُعد البنك الدولي أكبر مقرض للتعليم في العالم، ولذلك فهي مسؤولة أمام مواطني البلد المانح والأطراف المتلقية للمعونات. غير تقرير اليونسكو للمساءلة في مجال التعليم 2017/2018، يشير إلى أنه لا تتوفر أليات محددة لمساءلة الجهات المانحة عند عدم الوفاء بالمعونات المقررة أو المتفق عليها، حيث لم تفِ كثير من البلدان الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية، وهناك ضعف في مستوى الإبلاغ عما يجري أو يتحقق بخصوص هذه المعونات، مما يُضعف من القدرة عن تقديرات للمعونات الممكن الحصول عليها، ويمكن أن تُساءل المنظمات الدولية من خلال عمليات رسمية، أو من خلال قنوات غير رسمية كالإعلام والمنظمات الدولية غير الحكومية، كما أن إعلان باريس بشأن فاعلية المعونة كان محاولة لزيادة مسؤولية الجهة المانحة والبلد الشريك أمام المواطنين والمشرعين، ووضع التزامات بتعزيز الإدارة المبنية على النتائج وفقاً لمنهج » الدفع بحسب النتائج » الذي يتبعه البنك الدولي ، وذلك بأن يقرن دفع المعونة وفقاً بنتيجة الأداء والالتزام بالمعايير الدولية المتفق عليها، ويختلف هذا المنهج عن ربط المعونة باعتماد سياسات وإجراءات محددة، حيث يربط التمويل المبني على النتائج بربط دفع المعونة ربطاً مباشراً ، وذلك يمكن أن يساعد الجهات المتلقية للمعونة ويمنحها فرصاً للحركة والاستقلالية وتعقيد الإجراءات المتبعة، ويزيد من فرصة التوقع بشأن تدفق الموارد للجهات المتلقية، وتزداد فاعلية هذا المنهج في الدول التي تتمتع نظم التعليم فيها برؤية واضحة وأهداف مناسبة وأليات فاعلة للتنفيذ.
6/ مسؤولية الأطراف الفاعلة من القطاع الخاص:
وهي الأطراف الفاعلة من القطاع الخاص التي تسعى إلى الربح وتقدم خدمات تعليمية وتدريبية ومساعدة أو الشركات المتعهدة بتقديم التغذية الخدمات الأخرى إليها، ويتم مراقبتها ومساءلتها بخلاف الإجراءات المحلية أو الطبيعية في إطار نظام الرقابة العام إلى التركيز على الاتي:
أ. إخضاع برامج التغذية المدرسية لرقابة الحكومة:
تعتمد في كثير من الأحيان المدارس ومنها الخاصة على شركات خاصة تقدم برامج وخدمات التغذية، وهذه البرامج يفترض أن تكون خاضعة لرقابة ومساءلة الحكومة وتحدد مسؤولياتها عنها بشكل ملزم، لضمان انتفاع الطلاب بهذه الخدمات بصورة أمنة ومناسبة.
ب. الدروس الخصوصية:
يشير تقرير اليونسكو للمساءلة في مجال التعليم 2017/2018 إلى أن الدروس الخصوصية تمثل ظاهرة عالمية تشمل ما لا يقل عن نصف الطلاب في كثير من بلدان العالم، وأن السوق العالمي لها متوقع أن يتجاوز 227 مليار دولار بحلول عام 2022، ولذلك فإن الدروس الخصوصية أصبحت تشكل عبئاً على قدرات الأسر المعيشية. ولذلك على الحكومات أن تضع برامج تشجع على المساءلة لمقدمي هذه الخدمة ووضع معايير وشروط لتقديمها ومحتواها وتكاليفها، تكون خاضعة للرقابة والمساءلة من نقابات المعلمين واتحادات الطلبة وأولياء الأمور وغيرها من الأطراف الفاعلة.
ج. مزودي المواد التعليمية:
في أغلب بلدان العالم يقدم القطاع الخاص مستقلاً في أحيان ومشتركاً مع القطاع العام في أحياناً أخرى، خدمة توفير الكتب والأدوات المدرسية، ويقع على عاتق الحكومات ومنظمات المجتمع المدني مساءلة مزودي هذه الخدمات وتحديد المسؤوليات عنها بشكل واضح، من حيث جودة محتواها وشكلها ومدى وملاءمتها للمرحلة المقدمة لها.
خــــاتمة
لقد أولت منظمة اليونسكو اهتماماً خاصاً بنشر تفاصيل لمعايير ومؤشرات خاصة بعمليات الرقابة والمساءلة في مجال التعليم، ومتعلقة بصورة أخص بالبند الرابع المخصص للتعليم في خطة التنمية المستدامة 2030، حيث اعتمدت في ذلك على تقييم أساليب للرقابة والمساءلة تم اتباعها في تجارب دولية، ووفقاً لما كان لها من أثار وفق دراسات واستقصاءات دولية، بهدف دعم الاهتمام بها للوصول إلى تعليم منصف وجيد وفق ما ينص عليه هذا البند. ولقد خصصت منظمة اليونسكو تقريرها العالمي 2017/2018، تناول الرقابة والمساءلة في مجال التعليم، وكيف يكون لفاعليتها ضماناً كبيراً لنجاح الخطط والبرامج التعليمية، هذه الفاعلية التي تعتمد على وجود البيئة المناسبة من التشريعات الضابطة والنافذة التي تحكم وتنظم وتحدد المسؤوليات للمنوطين بالرقابة والمساءلة، ومن قدرتهم على إتباعها، وذلك بوضع وكيف يمكن للدول أن تشرع أنظمة رقابية وأساليب مساءلة تناسب واقعها المحلي وتتوافق مع المعايير الدولية. وكيف يمكن أن تلعب الأطراف الفاعلة دوراً مهماً في المساهمة في تنفيذ هذه الأساليب والأنظمة.
برغم أن الحكومة والسلطات التعليمية هي المنوطة أولاً بتفعيل أساليب الرقابة والمساءلة إلا أن الأطراف الفاعلة وثقافة المجتمع لابد أن تشارك وفق منظومة منسقة بين الجميع، نظراً لخصوصية قطاع التعليم ونوعية الأطراف المؤثرة فيه وكونه هدفاً قومياً يعتمد المجتمع على نجاحه في ضمان النجاح في التنمية المستدامة بشكل عام.
المصادر
1/ منظمة اليونسكو، ملخص التقرير العالمي لرصد التعليم 2017/18، المساءلة في مجال التعليم: الوفاء بتعهداتنا، 2017.
- الملخص متاح باللغة العربية على الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو » تاريخ الرجوع حتى 7/3/2018 »
http://gem-report-2017.unesco.org/ar/chapter/المساءلة-في-مجال-التعليم/
2/UNESCO, Global Education Monitoring Report, Meeting our Commitments Accountability in education,18/2017.
- التقرير كاملاً متاح باللغة الإنجليزية على الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو » تاريخ الرجوع حتى 7/3/ :2018 »
http://unesdoc.unesco.org/images/0025/002593/259338e.pdf
3/ منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم » اليونسكو « ، التعليم 2030، إعلان إنشيون وإطار العمل لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، باريس، ديسمبر 2015.
هذا البند هو ما سيتم الإشارة إليه في الورقة باختصار بالبند الرابع أو الهدف الرابع./[1]
الأطراف الفاعلة تشمل وفق التقرير المشار إليه: الحكومة والجمهور والسياسيين والصحافة ومسؤولو التعليم وأولياء الأمور والمعلمين والطلاب./[2]
[3] / نورد هذه المسؤوليات كما وردت بشكل خاص في تقرير اليونسكو للمساءلة في مجال التعليم 2017/2018.
[4] / اتفاقية لشبونة ، هي اتفاقية عقدتها عدة دول أوروبية بالتنسيق مع منظمة اليونسكو في 11/ 4/1997 ، كانت حول الاعتراف معايير المؤهلات المتعلقة بالتعليم العالي ، وتعتبر أول اعتراف أو اتفاق دولي لتبادل الاعتراف بالشهادات والمؤهلات الاكاديمية في المنطقة الأوروبية.
المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو (خ.ح)