الجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد أن الثقافة هي مفتاح خطة التنمية لما بعد عام 2015
2014/05/13
شارك عدد من الوزراء وكبار راسمي السياسات من جميع أرجاء العالم إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، والسيد جان إلياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، وسعادة السيد خالد الخياري، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإنابة، في الدعوة إلى إدماج الثقافة في خطة التنمية لما بعد عام 2015 كموضوع خاص للمناقشة في نيويورك بشأن الثقافة والتنمية المستدامة.
أبرز المتحدثون في الحدث الذي استمر ليوم واحد بمقتضى القرار رقم 68/ 223 الذي أصدرته الأمم المتحدة، من خلال الشهادات على الصعيد القطري والبيانات على الصعيد العالمي، كيف أن الثقافة، في تعبيراتها المتعددة التي تتراوح بين التراث الثقافي والصناعات الإبداعية، وبين السياحة المستدامة والبنية الرئيسية الثقافية، تحرك وتُرسخ الدعائم الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للتنمية المستدامة. كما أنهم سلّموا بأن ذلك إنما يمثل الخيط الذي يربط في ما بين أوجه النسيج الاجتماعي لمجتمعاتنا، وفق ما جاء في كلمة رئيس الجمعية العامة بالإنابة. أما كلمات ممثلي مالي والكوت ديفوار فقد تناولت موضوعاً رئيسياً يخص دور الثقافة بوصفها عاملاً من عوامل إعادة البناء والمصالحة في أعقاب النزاعات.
ومن جانبها، قالت إيرينا بوكوفا: »إن جميع البلدان تتطلع إلى وضع استراتيجيات فعالة لتعزيز التغير التحويلي، وذلك بالاستناد إلى الدروس المستفادة من الأهداف الإنمائية للألفية. وإن التنمية المستدامة إنما تقتضي تولي زمام الأمور في ما يتعلق بهذا الشأن. وهنا تكمن قدرة الثقافة على المساعدة وتعزيز المشاركة من أجل صياغة نموذج لتنمية أكثر توازناً وذات مغزى من أجل الشعوب ومن خلال الشعوب ».
وإذ حذّرت المديرة العامة الحضور من مخاطر تكرار الأخطاء التي ارتكبت عام 2000، عندما اُستبعدت الثقافة من الأهداف الإنمائية للألفية، فإنها أكدت على دور الثقافة المزدوج بوصفها أداة للقضاء على الفقر من ناحية، وإثراء هويات الأفراد والمجتمعات من ناحية أخرى.
أما دور الثقافة باعتبارها وسيلة لتوسيع نطاق سُبل التنمية، ومكافحة الفقر، ونبذ أوجه عدم المساواة وتعزيز حقوق الإنسان فقد أكد على ذلك بقوة الاتحاد الأوروبي، في حين شدد وزراء الثقافة في كل من تركيا والبرازيل على الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الإبداعي بوصفه « مورداً لا حدود له » من أجل تحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا الصدد، تحدثت ماريان فاي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين في شبكة التنمية المستدامة للبنك الدولي، عن هدف مجموعة البنك الدولي المتمثل في خفض نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من 1،25 دولار أمريكي يومياً إلى 3 في المائة بحلول عام 2030، وعن تعزيز نمو الدخل لما نسبته 40 في المائة من السكان ذوي الدخول الدنيا في كل بلد، وذلك من أجل توفير فرص العمل.
وإذ أشار السيد طالب الرفاعي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إلى أن بليون عامل قد هاجروا عبر العالم في عام 2012 فقط، فإنه بيّن كيف أن الرابطة بين السياحة والثقافة من شأنها توفير فرصة هائلة للمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي الجامع والتنمية الاجتماعية والاستقرار، فضلاً عن عوامل صون التراث.
في خلال حديثه بالإنابة عن فريق الأصدقاء المعني بالثقافة والتنمية، وهو تحالف يضم نحو 30 بلداً، شدد نائب وزير الثقافة في بيرو على أن هذا الفريق » يرى من الضروري أن تنطوي أهداف التنمية المستدامة على مراعاة أهمية الصناعات الثقافية والإبداعية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي الجامع والمستدام وتوفير فرص العمل المناسبة للجميع، فضلاً عن أهمية التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات من أجل تعزيز بناء المجتمعات المسالمة والجامعة ».
أما السيدة ميشائيل جان، الحاكمة العامة لكندا سابقاً ومبعوثة اليونسكو الخاصة لهايتي، والسيدة روزـ آن أوجست، وزيرة حقوق الإنسان والمعنية بمكافحة الفقر المدقع في هايتي، فقد قدمتا شهادات مؤثرة عن كيف أن حكومة « لا يمكن لها البتة أن تعطي كثيراً من الأهمية لثقافة شعبها ولغته ».
ومن جانبه، أكد سعادة السيد هاو بينغ، رئيس المؤتمر العام لليونسكو، على أهمية الثقافة بوصفها وسيلة للتصدي للتحديات العديدة التي تواجه مجتمعاتنا في جميع أرجاء العالم، وركيزة لبناء مستقبل يتسم بمزيد من التناسق والاستدامة. كما أنه أشار، مثلما فعل وزراء من هايتي وكوريا وبيرو و »مجموعة الـ 77 والصين » وغيرها، إلى أن السبل التي تسلكها الشعوب لكي تكتسب المعارف وتنقلها هي سبل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بخلفياتها الجغرافية والتاريخية واللغوية؛ وأن المناهج التعليمية التي تأخذ في الاعتبار السياق المحلي هي التي ستكون على الأرجح أكثر فعالية في ما يتعلق بتوفير تعليم جيد وبناء مجتمعات متماسكة.
وإذ بيّن سعادة السيد السفير محمد سامح عمرو، رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو، ما تم انجازه من خلال مشاريع قادتها اليونسكو في كمبوديا ونيكاراغوا وموزمبيق ومصر، فإنه ذكّر بأن الدول الأعضاء في المنظمة رأت أن الثقافة يجب أن تحتل ما تستحقه من مكانة في خطة التنمية لما بعد عام 2015، كما أنها أعربت عن قلقها لأن الأهداف التي اتفقت عليها الدول الأعضاء في باريس لا تلقى دائماً ما تستحقه من اهتمام وقبول، وذلك خلافاً لما كان عليه الأمر في نيويورك.
أعقبت البيانات التي أدلى بها الوزراء مناقشة تفاعلية لفريق شارك فيها كل من السيدة فريدة شهيد، مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الثقافية، والسيدة ماريان فاي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين في شبكة التنمية المستدامة للبنك الدولي، والسيد فيليب سافادوغو، الممثل الدائم للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لدي الأمم المتحدة، وترودي ستاير، الممثلة ومنتجة الأفلام، فضلاً عن السيد شارل فاليراند، الأمين العام للاتحاد الدولي للتحالفات من أجل التنوع الثقافي؛ وأبرزت هذه المناقشة قوة الثقافة في ما يتعلق بالقضاء على الفقر، وتوفير التعليم الجيد، وضمان حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وتوفير إدارة بيئية مستدامة ومدن تكون أكثر ملاءمة للعيش وتتسم بمزيد من التنافس.
أشارت المديرة العامة لليونسكو، في معرض ملاحظاتها الختامية، إلى الدعم الشامل لجعل الثقافة في صلب عملية إعداد خطة التنمية لما بعد عام 2015، كما أنها أعربت عن أملها في أن الآراء التي تم التعبير عنها أثناء المناقشات المثمرة التي جرت طوال اليوم ستكون لها صدى لدى الفريق العامل المفتوح العضوية والمعني بأهداف التنمية المستدامة.
المصدر: اليونسكو