جوائز اليونسكو الدولية لمحو الأمية لعام 2014
2014/09/7
تشكل النساء اليوم ثلثي مجموع الأشخاص الأميين الراشدين في العالم البالغ عددهم 781 مليون نسمة. وهنالك أيضا 58 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي غير ملتحقين بالمدارس، ويُحرَم 63 مليون مراهق في سن المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي من حقهم في التعليم، ويعرّضون بالتالي لخطر الالتحاق بقوافل الأميين.
وترى المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا « أنّ هذا الوضع غير المقبول يكبح جميع الجهود الرامية إلى الحد من الفقر والنهوض بالتنمية البشرية المستدامة ».
تلتزم اليونسكو بدعم سياسات وبرامج محو الأمية الفعالة. وفي هذا الصدد، تكرم المنظمة الامتياز والابتكار في ميدان محو الأمية في جميع أنحاء العالم. وفي الاحتفال السنوي بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية (8 سبتمبر)، تمنح اليونسكو الجوائز الدولية لمحو الأمية لمؤسسات أو منظمات أو أفراد للجهود التي بذلوها للمساهمة في تعزيز المجتمعات المتعلمة الدينامية، وهذه الجوائز هي:
جائزة اليونسكو/ الملك سيجونغ لمحو الأمية/كوريا
تتألف جائزة اليونسكو/ الملك سيجونغ لمحو الأمية التي أنشئت في عام 1989 بفضل سخاء حكومة جمهورية كوريا من جائزتين لمكافأة أنشطة الحكومات أو الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية التي تثبت جدارة متميزة وتحقق نتائج فعالة في النضال من أجل محو الأمية. وتُعنى هذه الجائزة على وجه الخصوص بتعزيز اللغات الأم في البلدان النامية.
ولقد سُميّت الجائزة تكريماً لذكرى الملك سيجونغ نظراً لمساهماته البارزة التي قدمها في مجال محو الأمية منذ أكثر من خمسمائة عام التي أفضت إلى ابتكار الأبجدية الكورية الوطنية « هانغول ».
وتتمثل كل من الجائزتين بمبلغ قدره 20 ألف دولار أمريكي وميدالية فضية وشهادة تقدير لكل من الفائزين بالجائزة.
جائزة اليونسكو/ كونفوشيوس لمحو الأمية
تُمنح جائزة اليونسكو/ كونفوشيوس لمحو الأمية، التي أنشئت في عام 2005 بفضل سخاء حكومة جمهورية الصين الشعبية، تقديراً للأنشطة التي يضطلع بها أفراد متميزون أو حكومات أو وكالات حكومية ومنظمات غير حكومية تعمل في مجال محو أمية الكبار والشباب غير الملتحقين بالمدارس في المناطق الريفية، ولاسيما النساء والفتيات.
ولقد سُميّت الجائزة تكريماً لذكرى المعلم الصيني الكبير كونفوشيوس.
وتتألف هذه الجائزة من مكافأتين ماليتين مقدار كل واحدة منهما 20 ألف دولار أمريكي وميدالية فضية وشهادة تقدير لكل من الفائزين بالجائزة. وبالإضافة إلى ذلك، تمنح جائزة اليونسكو/ كونفوشيوس لمحو الأمية زيارة دراسية إلى مواقع مشاريع محو الأمية في الصين.
وتدعو اليونسكو كل عام الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية الدولية التي ترتبط بعلاقات رسمية مع المنظمة لتقديم الترشيحات للحصول على الجوائز الدولية لمحو الأمية التي تمنحها اليونسكو.
ويتم اختيار الفائزين من قِبل لجنة تحكيم دولية تعينها المديرة العامة لليونسكو؛ وتنعقد هذه اللجنة مرة واحدة سنوياً في مقر المنظمة بباريس. أما الفائزون فإنهم يتسلمون جوائزهم عادة بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية (8 سبتمبر).
وتمُنَح جوائز اليونسكو الدولية لمحو الأمية لبرامج رائدة تبرز الدور المركزي الذي يضطلع به محو الأمية في تعزيز التنمية المستدامة، من خلال حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، وحل النزاعات والتنوّع الثقافي. ومحو الأمية، بوصفه أساسا للتعليم والتعلّم مدى الحياة، يشكل حقا أساسيا ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والفائزون بجوائزنا لعام 2014 يبيّنون كيف أنّ محو الأمية يُشكل عاملا مسرّعا للتنمية، إذ يُمكّن المجتمعات من أن تنمو على نحو أكثر شمولية واستدامة. ويشكل هؤلاء الفائزون مصدر وحي لنا جميعا بفضل مشاريعهم الخلاّقة التي كان لها أثر دائم على الأفراد والمجتمعات حتّى في أشد الظروف صعوبة وقسوة. وسوف يجري تسليم الجوائز في مدينة دكا (بنغلادش) بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية (وصلة إلى الصفحة على شبكة الإنترنت)، وذلك في 8 سبتمبر.
وتشمل الجهات الفائزة بجائزة اليونسكو – الملك سيجونغ لمحو الأمية للعام 2014 كلا من وزارة التربية في إكوادور ورابطة تعزيز التعليم غير النظامي في بوركينا فاسو. وفي إكوادور، استفاد ما يناهز 325000 شخص من « مشروع توفير التعليم الأساسي للشباب والكبار » منذ انطلاقته. ويجري تشجيع المشاركين على الاستفادة من الخدمات المدعومة من قبل الحكومة، مثل الوظائف والرعاية الصحية والمنح الزراعية. ويجري تعليم السكان الأصليين بلغتهم الأم استنادا إلى نهج يقوم على رؤيتهم للعالم. وتقول إيستر ماريا لوموس، مستشارة محو الأمية في الوزارة، ما يلي بهذا الصدد: « لقد أصبح بإمكان 44021 شخصا من السكان الأصليين (الكيشوا) وسكان إكوادور القراءة والكتابة بلغتهم الأم، الأمر الذي يضمن لهذا الشعب المتواجد بشكل أساسي في المناطق الريفية الحفاظ على هويته الثقافية وتعزيز قيم أسلافه. »
وفي بوركينا فاسو، تركّز رابطة تعزيز التعليم غير النظامي على النساء ومحو الأمية، إذ إنّ النساء « يشكّلن أكثر من 50 في المائة من سكان بوركينا فاسو، ولسوء الحظ أغلبيتهن من الأميات مع نسبة تبلغ 82 في المائة ». ويعكس هذا الوضع غير المقبول أحد أهم مظاهر الظلم الأكثر شيوعا في أيامنا هذه، ألا وهو عدم التكافؤ في فرص الانتفاع بالتعليم. والأمية تبقي النساء مهمشات وتشكل عائقا أساسيا يحول دون الحد من الفقر المدقع. ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة إذا لم تتمتع النساء بحقوق متساوية وفرص متكافئة. وبهدف تمكين النساء اللواتي يعشن في الفقر المدقع، يسعى برنامج الرابطة إلى تحسين حياة النساء عن طريق تزويدهن بمهارات القراءة والكتابة والحساب وتدريبهن في مجال الصحة والتنمية الاقتصادية المستدامة، فضلا عن تقديم تسهيلات لهن للحصول على قروض صغيرة. والبرنامج الذي استفادت منه 18000 امرأة حتى الآن في بلد متعدد اللغات والثقافات قد حقق نجاحات عديدة على صعيد مكافحة الفقر وإزالة الغابات والتلوث، وذلك من خلال أنشطة نُفِّذت بخمس لغات محلية.
وأمّا جائزة اليونسكو – كونفوشيوس لمحو الأمية للعام 2014 فقد فازت بها ثلاث منظمات، ومن بينها الجمعية الجزائرية لمحو الأمية التي نفّذت برنامجا بعنوان « محو الأمية والتدريب ودمج النساء ». وقد وفّر هذا البرنامج الدعم إلى أكثر من 17000 شخص حتى هذا التاريخ. وبالإضافة إلى تدريس مهارات القراءة والكتابة والحساب، يقوم البرنامج بتعليم المشاركين فيه على المواطنة، والصحة، والحماية البيئية، وحقوق الإنسان. كما يوفّر المشورة القانونية للمتدرّبين السابقين بغية مساعدتهم على إدارة مشاريعهم الجديدة. وتتذكر عائشة باركي، رئيسة جمعية، قائلة: « لقد واجهنا مؤخرا حادثة أليمة. فقد قامت والدة شابة لم تكن تعرف القراءة أو الكتابة بإعطاء الدواء الخاطئ لابنها الصغير. وكان جلّ ما فهمته أنّ ما أعطته لابنها كان دواء وتمنّت أن يشفيه من مرضه. ولكن، ما كان من الدواء الخاطئ إلاّ أن جعل حالة الولد تتدهور أكثر فأكثر، الأمر الذي أودى به إلى المستشفى. فمحو الأمية لا يشكل أداة للنمو الاقتصادي فحسب، بل هو أيضا في غاية الأهمية لبقاء المجتمعات. والجهل يكلّف أكثر بكثير مما قد توفّره المعرفة. ويمكن لمحو الأمية أن ينقذ أرواحا! ».
وفي إسبانيا، فازت مدرسة التعلّم مدى الحياة من أجل التنمية المجتمعية في بوليغونو سور بجائزة على مشروعها الذي يوفّر تدريبا من أجل محو الأمية، وتعليما مهنيا، وتعليما خارج الإطار المدرسي يمكن التصديق عليه، ويزوّد المستفيدين منه بالمهارات اللازمة للحصول على عمل وتنظيم المشاريع. ويتوجّه المشروع إلى مجموعة متنوّعة من الأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة تضم مواطنين من إسبانيا ومهاجرين من شمال أفريقيا وأفرادا من جماعة الروم في منطقة يسودها الحرمان في إشبيلية. ويتيح المشروع، من خلال عدد من الأنشطة المجتمعية المرتبطة بالموسيقى والمسرح على سبيل المثال، تعزيز الوعي بالثقافة والإيكولوجيا. ونجح هذا البرنامج في إدراج مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية في العمليات الأوسع نطاقا الرامية إلى تحقيق التنمية المجتمعية، وفي إبراز الإمكانات التي توفرها أنشطة محو الأمية لحفز الناس على العمل وتغيير حياتهم نحو الأفضل. وتعكس الشهادات التي وفّرها المتعلّمون الجدد التحوّل البعيد المدى الذي تفضي إليه المعارف والمهارات المكتسبة حديثا في جوانب الحياة كافة. وتقول دولوريس غاييغو: « عمري 54 عاما وأنا أتعلّم القراءة والكتابة. ولم أكن قادرة على الدراسة عندما كنت شابة لأنّه كان عليّ أن أعتني بإخوتي وأخواتي. وأصبحت الآن آتي كل يوم إلى المركز، حتّى أنني ألحقت والدتي به، فارتادته على مدى ثماني سنوات وتعلّمت القراءة هي أيضا ». للمزيد بالانجليزية
والفائزان الأخيران هما معهد مولتينو للغات ومحو الأمية (جنوب أفريقيا) والمعهد الدولي لمحو الأمية. فبرنامجهما الابتكاري بعنوان « جسور إلى المستقبل » يستخدم تكنولوجيات المعلومات والاتصال لتزويد سكان المناطق الريفية والمناطق الحضرية الأقل نموا بالمهارات اللازمة، بصرف النظر عن أعمارهم. ويتيح البرنامج للأطفال والشباب والكبار اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال وتعلّم استخدام الحواسيب، وذلك باللغة الإنجليزية وبثلاث لغات أفريقية. واستُهل البرنامج في عام 2007، واستفاد منه 30000 طفل من أطفال المدارس و6000 شخص من الشباب والكبار في مراكز التعليم الأساسي والتدريب المخصصة للكبار. ويعزّز البرنامج التنمية المستدامة من خلال توفير مضامين تعليمية ترتبط بالصحة والبيئة والتنمية الاجتماعية والتعليم المهني. ويشير سيباتي ماشوغا، وهو مدرّس في معهد مولتينو في ليمبوبو، إلى السعادة التي يشعر بها تلامذته إزاء التعلّم بواسطة الأجهزة اللوحية، قائلا: « لقد كانت المرة الأولى التي يرون فيها ويسمعون التكنولوجيا بلغتهم الخاصة ». وأضاف: « تحتاج ليمبوبو إلى التكنولوجيا ليس فقط للتلامذة من الصف الأول وحتى الصف الثالث، بل أيضا لتلامذة المرحلة الثانوية. وقد رأيت تلامذتي يشعون فرحا في ذلك اليوم وأتمنى أن أتمكّن من القيام بالمزيد من أجلهم. ويتعيّن تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لتعليم التلامذة بواسطة الأجهزة المحمولة/ التكنولوجيا ». للمزيد بالانجليزية
ويُظهر الفائزون بجوائز اليونسكو، من خلال مشاريعهم الاستثنائية، الدور المحوري الذي يضطلع به محو الأمية في مساعدة الأفراد في تنمية طاقاتهم الكامنة كاملة، وفي إرساء مجتمعات أكثر استدامة، وعادلة وسلمية. ويزوّدوننا بالأمل في أنّه بإمكاننا أن نضع معا حدا لحلقة الاستبعاد التي تفضي إليها الأمية. وتُقدِّر اليونسكو أنّ 84 في المائة من سكان العالم اليوم قادرون على القراءة والكتابة، مقابل 76 في المائة في عام 1990. ومع أنّه قد أُحرز تطوّر باتجاه تحقيق أهداف محو الأمية على الصعيد الدولي، إلاّ أنّه لا يزال هنالك تحدّيات كبرى يتعيّن تخطيها في المستقبل من خلال اعتماد حل دولي قوي في إطار جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015. وقالت المديرة العامة في هذا الصدد: « إنّ محو الأمية أكثر بكثير من مجرد أولوية تعليمية. إنّه استثمار في المستقبل بامتياز. وتجمعنا رغبة مشتركة في ضمان تحويل هذا العالم إلى مكان يعيش فيه عدد أكبر من المتعلّمين ».
المصدر: اليونسكو (بتصرف)