أدرجت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للتعليم  في ليبيا محور (الإدارة التعليمية) ضمن (واقع البيئة التعليمية) وستنناول هذا المحور  باعتباره أحد أبعاد (البيئة التعليمية).

يتركز الحديث عن البيئة التعليمية – عادة – على البيئة الخارجية للتلميذ أو الطالب – محور العملية التعليمية وهدفها – بما تكونه من مستلزمات تعليمية وأدوات دراسية ونشاط مدرسي وطرائق تدريس دون الاهتمام بالبيئة الداخلية للتلميذ والطالب والتي تتضمن الانفعالات والأحاسيس والدوافع والرغبات والظروف النفسة والوجدانية والملاكات الفكرية وتركيبة عقله وعقليته وأنواع التفكير لديه من طرق تحليلية وتركيبته والتي تحتل داخله وتؤثر على تحصيله العلمي وتفاعله مع عناصر العملية التعليمية المتكونة في بيئته الخارجية .

وأحسب أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد ركزت على البيئة الخارجية المحيطة بالتلميد والطالب دون الغوص في مكوناته الداخلية التي تتأثر بهذه البيئة الخارجية وتنعكس فيها .

وجريا » مع هذا السياق سنهتم بالبيئة الخارجية في محور (الإدارة التعليمية) مع إحالة البيئة الداخلية للتلميذ والطالب إلى بحث آخر نأمل أن يتناوله أحد المتخصصين في الجانب النفسي للعملية التعليمية وهو المجال المعروف ب(علم النفس التريوي) .  

من هذا المنطلق ستتناول محور (الإدارة التعليمية ) كأحد عناصر (واقع البيئة التعليمية) .

إن الإدارة التعليمية تقع في وسط البيئة التعليمية (الخارجية) وهي أهم عناصرها لما لها من تأثير على كل مكونات هذه البيئة والتي يمكن أن تجعلها بيئة صالحة وجاذبة أو تميل بها نحو الارتباك والتسيب.

يمكن أن نقسم الإدارة التعليمية إلى أربع مستويات هي :

1-    إدارة الفصل الدراسي والمعمل التعليمي

2-    إدارة المدرسة (إدارة المؤسسة التعليمية)

3-    إدارة قطاع التربية والتعليم (على المستوى المحلي)

4-    إدارة قطاع التربية والتعليم (على المستوى الوطني)

ولكل مستوى من هذه المستويات مكونات متعددة ،نذكر منها: -

-       مكونات بشرية (شروط التعيين والترقية ، وصلاحية الاستمرار في الوظيفة ، الحوافز والروادع)

-       مكونات تقنية ( المادية والهيكلية والوظائف وتوصيفها ومسؤولياتها والبرمجيات المساعدة  لأكثرنة الإدارة وتطبيقاتها)

-       مكونات مالية (الميزانية ، الانفاق على التعليم  اقتصاديات التعليم ).

-       مكونات قانونية (الضوابط ، المعاملات ، التسلسل الإداري ، الدورة المستندية ، الإجراءات )

-       البرامج (مجالات التنفيذ والتطوير)

لكل من هذه المكونات مسارات في كل مستوى من مستويات الإدارة التعليمية .

سنعرض فيما يلي بعض ملامح المستويات الإدارية المذكورة .

 

إدارة الفصل الدراسي :

تتكون إدارة الفصل الدراسي من المكونات الادارية لأي مؤسسة صغرى ، وتتطلب إصدار التشريعات المنظمة للفصل الدراسي بتحديد واجبات وحقوق كل عنصر من العناصر المرتبطة بالفصل الدراسي وهي : -

- رائد الفصل (معايير اختياره ، وحدود اختصاصاته)

- مدرس المادة وكيفية إدارته للفصل الدراسي أثناء تأديته واجبه التدريسي فيه

- التلميذ أو الطالب ودوره في إدارة الفصل وتنظيمه وما يتبع ذلك من حقوق وواجبات له ولولي أمره

- الأخصائي الاجتماعي وأعضاء لجنة الإشراف وعلاقتهم بنظام الفصل الدراسي

- مدير المدرسة وطريقة إشرافه ومراقبته لما يحدث في الفصل الدراسي

- الموجه التربوي وطريقة دخوله للفصل وتدخله في إداء العملية التعليمية وتنظيم الفصل

وقبل ذلك وبعده تصميم الفصل الدراسي  وصيانته وتأثيثه وترتيب مكوناته.

إن التشريعات المطلوبة  تتدرج من منشورات توجيهية ونداءات ضبطية ولوائح وقرارات وقوانين تنظيمية.

وعدم ترك أي عنصر من هذه العناصر إلى الإجتهادات الفردية  لأي من العناصر المرتبطة بالفصل الدراسي مع التنبيه إلى أهمية أن تكون التشريعات متوافقة وواقعية وقابلة للتطبيق وخاضعة للقياس . وتعمل على التقليل من الأخطاء التي يمكن أن ترتكب وتحدد الحوافز والروادع عن أي تصرف يتعلق بأي جانب من جوانب إدارة الفصل الدراسي.

ولا نغفل واجب الإدارة الأعلى من إدارة الفصل والإمكانيات التي ينبغي توفيرها والظروف الملائمة للعملية التعليمية في الفصل الدراسي وكيفية ضمانها والمحافظة عليها واستمراريتها.

إن الواقع ينبىء عن عدم الإكتراث بإدارة الفصل الدراسي وتخضع للتقدير الشخصي والظروف الخاصة والوقتية مما أدى إلى تنوع طريقة المعاملة مع الفصل الدراسي من مؤسسة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى ، وقد يكون من أسباب ذلك التباين في الإمكانيات البشرية والمادية من جهة والثقافة السائدة من جهة أخرى. والموقف يتطلب المعالجة الموضوعية للإمكانيات المادية وتنمية القدرات البشرية وتوظيف وسائل الإعلام والتثقيف في تنمية الوعي بأهمية تنظيم إدارة الفصل الدراسي والدفع بالتلميذ والطالب لأن يتولى دورا » رئيسيا » في ذلك . كل ذلك وفق تشريعات مفصلة وإجراءات إدارية منظبطة.

 

إدارة المدرسة : (إدارة المؤسسة التعليمية) : -

مما لا شك فيه أن إدارة المؤسسة التعليمية ترتكز على أربعة عناصر رئيسية هي :

-       العنصر البشري

-       الموارد المادية والإمكانيات التقنية

-       الإطار القانوني والإجراءات الإدارية

-       البرامج والخطط

ولضمان سلامة الإدارة المدرسية لا بد للإدارة العليا على المستوى المحلي أو الوطني تهيئة الظروف المناسبة لتوفير عناصر الإدارة المدرسية  الأربعة بالدرجة المطلوبة وبالتحديد :

-       الإختيار النزيه لأعضاء الإدارة المدرسية وخاصة مدير المدرسة ومعاونيه في الشؤون الإدارية والتقويم والقياس والإشراف .

-       توفير الموارد المادية اللازمة والمستلزمات التعليمية بشكل كاف وبصورة دورية مع إيلاء كل من المعامل التعليمية والمكتبة المدرسية العناية المطلوبة وبما يؤدي إلى إحلال كل من المعامل والمكتبة المكانة التي يفرضها دور كل منهما في العملية التعليمية .

-       إصدار التشريعات (القرارت واللوائح والمنشورات والبلاغات) المنظمة للإجراءات الإدارية والتي تضبط وتيرة الأداء الوظيفي في المدرسة وتراقب مستوى التنفيذ والتطبيق.

- الإعتتاد  بالبرامج والخطط :

إن البرامج والخطط المرسومة من قبل عناصر الإدارة والتي تترجم أهداف وغايات المدرسة في خطة عمل محددة من شأنه أن يدفع المؤسسة في السير قدما » نحو تحقيق أهدافها .

إن النشاط الصفي له المكانة الأساسية في تنفيذ العملية التعليمية والذي بدونه لا تتحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها المدرسة ، ولكن النشاط خارج الصف مكمل للنشاط الصفي سواء كان في داخل المدرسة (المكتبة ، المعامل ، الفناء المدرسي) أو خارجها لتوثيق الصلة بين المدرسة والمجتمع .

ولنجاح أي نشاط لا بد له من خطة مرسومة محددة الأهداف والبرامج ومصادر التمويل والإجراءات والعناصر المنفذة والفئات المستهدفة ومن ثم نقترح تحديد خطط فصلية وسنوية للنشاط المدرسي خارج الصف والذي بطبيعة الحال يتكامل مع النشاط المدرسي في المنطقة التي تقع فيها المدرسة أو على المستوى الوطني .

من الصعب أن تعمل الإدارة المدرسية في غياب مجلس أولياء الأمور والذي ينبغي  أن يفعل إلى أقصى حد ممكن ، وتعطي له اختصاصات محددة ومسؤوليات واضحة . وعليه أن يشارك في الأدارة بشكل مباشر كان يعتمد خطط وبرامج المدرسة وميزانيتها ويساهم في اتخاذ القرارات المؤثرة على المدرسة كاختيار مدير المدرسة  وتعيين المدرسين وعناصر الإدارة الأخرى .

 

الإدارة المحلية لقطاع التربية والتعليم

إن النظام اللامركزي للإدارة والتعليم مرشح لأن يكون أفضل من غيره في إدارة القطاع. وهذا يدفع إلى تكليف الإدارة المحلية بالإختصاصات اللازمة لإدارة القطاع على المستوى المحلي من كافة جوانبه التنفيذية ، وينبغي للإدارة العليا (الوزارة ) الإشراف والمتابعة والتقويم والتخطيط. أما الإجراءات التنفيذية  فعلى الإدارة المحلية .

ومن هذا المنطلق ينبغي اتخاذ الإجراءات التالية :

• وضع المعايير والضوابط المنظمة لاختيار عناصر الإدارة وترقيتهم  والالتزام في ذلك بالشفافية والموضوعية والأمانة والكفاءة .
• تنظيم الإجراءات الإدارية والدورة المستندية التي تحافظ على الحقوق والواجبات  دون هدر للوقت والجهد وبعيدة عن البيروقراطية والتعقيدات الإجرائية غير المبررة .
• تعزيز منظومة الإشراف والمراقبة لتشمل متابعة عناصر الإدارة المدرسية والتفتيش التربوي والمستلزمات التعليمية ومستوى الأداء للإدارة التعليمية . وهي تهدف إلى الإشراف والمتابعة والتفتيش والبحث عن الأخطاء والتجاوزات لإصلاحها بعد وقوعها مع إعطاء الأولية لآكتشافها قبل وقوعها والتوجيه لمعالجتها. أما البحث أن  المخطئين والمتجاوزين فذلك عمل ضروري ولكنه يقع في  المرتبة الثانية إذ المرتبة الأولى هو معالجة الأخطاء واتخاذ الإجراءات لتجنبها   قبل وقوعها .
• الإهتمام  بالهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي لكل وظيفة في المنظومة الإدارية بغية التكامل في الإداء والإنسجام في العمل دون تداخل في الاختصاصات والمهام .

 

الإدارة العليا لقطاع التربية والتعليم (الوزارة)

لتأكيد مبدأ اللامركزية في الإدارة في التربية والتعليم ، ينبغي أن تنحصر مهام الإدارة العليا على المستوى الوطني في الآتي :

 

• التخطيط  (الخارطة المدرسية لليبيا ، توزيع المؤسسات التعليمية على الأرض الليبية ، تحديد الميزانية للقطاع والإشراف على الانفاق في التعليم ، إصدار التشريعات واللوائح المنظمة للتعليم ، إعداد المناهج الدراسية والخطط التعليمية) .

 الإشراف (الإشراف على تنفيذ الخطط والبرامج)

• المتابعة والتقويم ( متابعة مستوى الأداء وتقويم إجراءات العملية التعليمية ونواتجها وإعداد التقارير حول التربية والتعليم )
• التنسيق : (التنسيق بين مكونات العملية التعليمية والأجهزة العاملة في الميدان )

مع الإهتمام بالأنشطة والبرامج على المستوى الوطني من ذلك :

-       النشاط المدرسي على المستوى الوطني

-       افتراح الخطط والبرامج وتقديمها إلى مجلس الوزراء للاعتماد

وفي هذا الصدد  - إلى جانب المواضيع المعتادة – :

المناهج الدراسية ، المبنى المدرسي ، التخطيط التربوي.

ينبغي أن تعالج قضايا أخرى جوهرية للطالب على المستوى الوطني  مثل :

- الصحة المدرسية والإهتمام بسلامة أجسام التلاميذ والطلبة ويأتي في هذا الإطار التفكير في دعم الرياضة المدرسية والتغذية المدرسية والبحث في إمكانية استحداث نظام اليوم المدرسي الكامل بما يحتويه من برنامج دراسي وبرنامج ترفيهي والإعتناء بالسلوك والعادات السليمة وبناء شخصية الطالب للمواطنة وتربيته على حسب الوطن وتعلم العيش مع الآخر.  

                       

المصدر : مندوبية ليبيا لدى اليونسكو