العراق: حديثو العهد بتعلّم القراءة والكتابة يُسمِعون أصواتهم

2012/08/31

قال معاذ: « كان الحزن والأسى يملآني عندما أشاهد الأولاد في سني يذهبون إلى المدرسة… وهكذا مرت الأيام وأنا أعمل في غسل السيارات. كنت أشاهد الكلمات مرسومة على زجاج السيارات وأنا لا أفهم معناها ».

معاذ هو من بين أكثر من 50 طالباً حديثي العهد بتعلّم القراءة والكتابة تحدثوا للمرة الأولى عن تجربة اكتسابهم مهارات القرائية في إطار برامج اليونسكو لمحو الأمية في العراق في وثيقة عنوانها « قوة محو الأمية: شهادات من العراق ». وتأتي هذه الوثيقة الصادرة عن اليونسكو بمثابة دليل وتأكيد على أهمية محو الأمية فهي تقدّم أمثلة ملموسة على التغييرات الإيجابية التي يمكن لأنشطة محو الأمية أن تحدثها في حياة الأشخاص ».  

ووصف أحمد العزلة التي يعيشها الأشخاص المحرومون من إمكانية الانتفاع بالتعليم الأساسي لأسباب اقتصادية فقال: « أصبحت أشبه بالإنسان الضرير الذي لا يرى إلا نفسه ولا يرى الأشياء من حوله ».  

وغالباً ما شبّه الطلبة أنفسهم في هذه الشهادات بأشخاص فقدوا بصرهم كي يعبّروا عن حالتهم عندما كانوا يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة. وروت تيماء الانزعاج الكبير الذي شعرت به عندما ذهبت يوماً إلى إحدى المستشفيات، فقالت: كنت أشبه « بعمياء يصعب عليها الذهاب إلى أي مكان من دون قراءة اللافتات واللوحات. وأذكر عندما ذهبت ذات مرة إلى طبيب العيون وعندما دخلت إلى الطبيب وقلت إن عينيّ تؤلماني بالليل فصرخ الطبيب وقال هذا ليس طبيب العيون هذا طبيب أسنان ».  

وذكر الطلبة تحسّن أوضاعهم بفضل محو الأمية ولكنهم تحدثوا أيضاً عن « حياة جديدة ». وقالت سمية البالغة من العمر 65 عاماً والتي تعاني من إعاقة جسدية إنها تمنت لو كانت تعرف القراءة لتتسلى بها وهي مريضة. وأضافت أنه بعد اكتسابها مهارات القرائية صارت القراءة صاحبتها تتسلى بها كل الوقت.  

واعتبرت راند الفترة التي كانت فيها امرأة أمية « فترة مظلمة »، وقالت: « أنا الآن كالأعمى الذي عاد له بصره من جديد ». أما عبير، فوصفت الأمية بروح شريرة أبعدتها عنها عندما بدأت تتعلّم القراءة والكتابة وقالت: « ذهب عني شبح الأمية ».  

وعلى الرغم من هذه الشهادات المشجعة، لا يزال مدى انتشار الأمية في العراق مشكلة مستمرة، إذ يبلغ معدل الأمية على الصعيد الوطني 22% حسب التقديرات، مع الإشارة إلى أن النساء الريفيات هن من الفئات المتأثرة إلى حد كبير بهذا الواقع. ويُعزى ذلك إلى النقص في البنى الأساسية للتعليم. ولكن عمدت وزارة التربية في العراق إلى تنفيذ سياسات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة وأقامت شراكة مع اليونسكو لتحقيق أهداف التعليم للجميع. وتقوم وزارة التربية مع عدد من المنظمات غير الحكومية الوطنية بزيادة وعي الجمهور بأهمية محو الأمية، وذلك بوسائل عدة منها منح الجوائز للطلبة المتفوقين في برامج محو الأمية، وبث فقرات تلفزيونية ترويجية، والاضطلاع بأنشطة توعية موجهة إلى أشد المجتمعات المحلية ضعفاً في المناطق الريفية الفقيرة.

ومن الجدير بالذكر أن خبرات اليونسكو في إنشاء البنى الأساسية اللازمة لتلبية الاحتياجات التعليمية في أوضاع ما بعد النزاعات تكمّل العمل الذي تضطلع به الحكومة العراقية. وعلى سبيل المثال، تقوم اليونسكو في إطار مبادرة محو الأمية لتعزيز القدرات في العراق بإسداء المشورة وتوفير الخبرات وبإعداد مواد تعليمية ومناهج دراسية لمحو الأمية. كما ساعدت اليونسكو على إنشاء أربعة مراكز تعلّم خاصة بالمجتمعات المحلية في محافظات بغداد والمثنى وديالى.  

وقال مدير مكتب اليونسكو في العراق محمد جليد إن « محو الأمية هو من أكبر التحديات التي تعمل الحكومة العراقية وغيرها من الحكومات على التصدي لها من أجل إصلاح النظام التعليمي على جميع المستويات ». وأضاف أن « الحكومة العراقية تمكنت، بدعم من اليونسكو، من وضع رؤية وطنية وسياسة مفصلة من أجل تلبية الاحتياجات الماسة والعاجلة للأشخاص غير الحاصلين على التعليم في العراق ».  

وختمت عواطف شهادتها عن اكتساب مهارات القراءة والكتابة بعبارة إيجابية، فقالت إن تعلّم القراءة كان أهم تغيير حدث في حياتها: « تعلمت القراءة… وعرفت كم الساعة وعرفت استخدام المبايل وصرت اعتمد على نفسي بدون استعانتي بأحد. وصرت أقرأ الرسائل والجرائد والمجلات… » وبات بإمكاني استخدام « حقوقي كمواطنة ». وهذه المجموعة من الشهادات الشخصية لحديثي العهد بتعلّم القراءة والكتابة هي بمثابة تذكير قوي بما حُقق من إجازات وبما سيتعين القيام بها من أعمال في المستقبل. وصدرت في عام 2009 مجموعة مماثلة تضمنت شهادات لعدد من طلبة أفغانستان ويجري إعداد مجموعة جديدة خاصة بجنوب السودان.

المصدر : اليونسكو

Print This Post