كلمة المجموعة العربية أمام أمين عام الأمم المتحدة
2012/10/14
عند زيارة أمين عام الأمم المتحدة (بان كي مون) إلى اليونسكو،بتاريخ 9 أكتوبر 2012 وحضوره جانبا من اجتماعات الدورة 190 الحالية للمجلس التنفيذي توجهت المجموعة العربية بكلمة إليه في حضور المديرة العامة لليونسكو ورئيسة المؤتمر العام ورئيسة المجلس التنفيذي ومندوبي الدول الأعضاء باليونسكو ألقاها ممثل المجموعة في المجلس وهو (د. زياد الدريس) مندوب المملكة العربية السعودية بالمنظمة وفيما يلي نصها :
معالي أمين عام الأمم المتحدة
السيد / بان كي مون
باسم الدول العربية الأعضاء في اليونسكو، نرحب بكم في منظمتنا التي نحبها ونفخر بها. لكن حبنا وفخرنا بها ازداد عندما ازدادت عدالة وإنسانية في منعطفها الكبير وقرارها النبيل خلال شهر أكتوبر 2011م حين أصبحت فلسطين دولة كاملة العضوية في اليونسكو. ونحن نتمنى أن تذوق الأمم المتحدة، المنظمة الأم، طعم هذا الفخر .. لكن دون أن تذوق، سيد / كي مون، طعم المصاعب التي ذاقتها السيدة بوكوفا جراء ذلك القرار الإنساني الديمقراطي الحر !
السيد الأمين العام /
التعليم ركن أساسي في مسارنا نحو إعادة ترتيب العالم بالشكل الذي يجعله أكثر سلماََ وعدلاََ وانسجاماََ. وفي منطقتنا العربية خصوصاََ نزداد يوماََ بعد آخر قناعة بأن التعليم هو طريقنا نحو التنمية الديمقراطية. لأجل هذا فنحن نتابع بفرح يشوبه قلق الخطوات التي تسير فيها انطلاقة المبادرة الأممية المسماة (التعليم أولاََ) Education first، نعوّل عليها آمالاََ كبيرة لكننا نخشى أن تكون المسألة تغيير مسميات دون تغيير استراتيجيات العمل القديمة التي فشلت في تحقيق أهداف المبادرات السابقة ضمن خططها الزمنية المرسومة لها.
السيد الأمين العام /
ظللنا لسنوات وعقود طويلة نظن بأن السلام الذي ننشده في العالم يصنعه الساسة ومؤتمرات القمة ووزراء الدفاع، الذين هم في معظمهم وزراء حرب لا دفاع. الآن ينمو في أذهاننا لحسن الحظ مفهوم جديد للسلام .. لآلية تطبيق وإشاعة السلام.
السلام الحقيقي الصادق والقادر على التمدد والمقاوم للخذلان يبدأ من تحت وليس من فوق، تصنعه المجتمعات، على مستوى الأسرة .. بل الفرد، من خلال تكريس مباديء حقوق الانسان وفهم الآخر والتعايش والتعددية، وهذه هي مكونات الكعكة التي يجب أن تصنعها اليونسكو لأطفال العالم .. تعليماََ وتثقيفاََ.
معالي الأمين، اسمح لي بأن أقول بأن السلام الحقيقي والمستدام لا يُصنع هناك في مجلس الأمن بل هنا في اليونسكو، وعلى المنظمة الأم ومجلس الأمن فقط حماية هذه الكعكة من أن يلتهمها الكبار المتخمون عن الصغار الجائعين.
السيد الأمين العام /
نسمع منذ مدة عن برنامج إصلاح الأمم المتحدة والوكالات الدولية كافة، ومازلنا نترقب بزوغ ملامح هذا الاصلاح. وأريد في هذا المقام أن أتناول بنداََ واحداََ نأمل أن يكون قد تم إدراجه في أجندة الاصلاح تمهيداََ لإلغائه وهو مبدأ (الفيتو) الذي يناقض مباديء الديمقراطية والمساواة.
وُضع نظام (الفيتو) بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بيد المنتصرين الخمسة الكبار مكافأة لهم على انتصارهم وامتيازاًََ لهم عن المهزومين. هذا الوضع كان عام 1945م فهل مازالت أحوال العالم الآن كما هي ذلك الحين؟!
خلال 67 سنة مضت، تغيرت موازين واضمحلت قوى وانشطرت دول إلى دويلات، وصدر العديد من المواثيق والاتفاقيات العالمية حول المساواة وحقوق الانسان وتعزيز الديمقراطية وتعميمها بين الجميع .. دولاََ وشعوباََ وأفراداََ من دون تفرقة.
كل هذه التحولات في القوى والقيم ومازال حق (الفيتو) الذي هو نظام آحادي استبدادي مستحلب من أدبيات القرون الوسطى ولا ينسجم أبداََ مع أدبيات عصرنا الذي نعيشه، قائماََ ومستخدماََ في عصر الثورة المعلوماتية والإنترنت !
ليس جديداََ القول بأن (الفيتو) لم يستخدم يوماََ لصالح الانسان المستضعف بل لمصالح الانسان القوي. الدولة الاسرائيلية المحتلة تعبث بفلسطين أرض الرسالات وتضطهد أهلها وتخرّب هوية القدس في مساعيها لتهويد القدس .. القدس الإسلامية والمسيحية واليهودية، ولا يحميها في اعتداءتها هذه سوى قرارات (فيتو).
الشعب السوري اليوم يُسحق والتراث السوري يُدمّر، ولا يحمي هذا التخريب سوى قرار (فيتو).
السيد الأمين العام /
لديّ سؤال إليكم أختم به مداخلتي هذه:
ألم يحِنْ الأوان أن تتحرك الدول المحايدة والمؤسسات الحقوقية والإنسانية لتسقط هذا المبدأ الرجعي (الفيتو) من رفوف مجلس الأمن. ولتكن مناسبة مرور 70 عاماََ على قيام الأمم المتحدة في العام 2015م هي الموعد المضروب لاسقاط هذا المبدأ المناقض لمباديء الأمم المتحدة.
السيد / بان كي مون
إننا نعوّل كثيراََ على فعاليتك ونشاطك المعهود في تنشيط ملف الاصلاح الأممي. ونحن الدول العربية، نثمن للسيدة بوكوفا فعاليتها الدائمة وحماسها الاستثنائي لاستراتيجية إعادة هيكلة وإصلاح اليونسكو، ونتمنى لكما التوفيق في مساعيكما الخيرة.
والسلام عليكم.
المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو