رسالة إلى الأجيال المقبلة عبر كبسولة الوقت
2012/11/14
تدعوكم اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة لعام 2012 يوم غد الخميس(15 نوفمبر) إلى ترك رسالة أو أشياء للأجيال المقبلة في كبسولة زمنية ستُدفن في مقر اليونسكو بباريس بغية فتحها في التاريخ عينه من عام 2062.
فماذا تودون أن تقولوا للأشخاص الذين سيكونون على قيد الحياة بعد 50 سنة من الآن؟ وما هي الرسائل أو الأغراض التي تعتقدون أن من الضروري تركها لهم؟ إننا نرحب بأي شيء تعتبرونه مهماً بالنسبة إليكم وقد يكون بالتالي مهماً للأجيال المقبلة. ونود أن نعرف سبب خياركم وندعوكم إلى استخدام أي نوع من الأدوات المتاحة لتوجيه رسائلكم إلى الأجيال المقبلة. وتجدون فيما يلي بعض الأفكار التي قد تكون مفيدة لكم:
· فكروا في الحكَم والقيم التي اكتسبتموها من آبائكم والأجيال الماضية ومن خبرتكم الذاتية والتي تودون أن تنقلوها إلى أولادكم والأجيال المقبلة. فماذا تريدون أن تقولوا لأحفادكم؟ وما هي أهم رسالة أو غرض تودون تقديمه إليهم؟
· ارسموا رسماً أو التقطوا صورة.
· فكروا في أغراض تعتبرونها مهمة وقد لا تكون متوافرة في المستقبل، ومنها الحواسيب وبطاقات الائتمان والأقراص المدمجة، أو حتى الهواتف الذكية. وهل تعتقدون أن الأشخاص في عام 2062 سيعرفون ما تمثله هذه الأغراض؟
· اكتبوا رسالة عن أكثر الأمور أهميةً أو إلهاماً في حياتكم.
· حكمة أو قول مأثور أو كتاب: على سبيل المثال، هل سيظل كتاب « الجمهورية » لأفلاطون ذا مغزى بعد 50 سنة؟ أو هل سيكون قد برز فيلسوف آخر بوصفه مرجعية في الفكر الثقافي؟
وفي كل عام، يتيح اليوم العالمي للفلسفة فرصة فريدة لجمع الأوساط الفلسفية الدولية ولحفز التفكير في القضايا المعاصرة. ونظراً إلى أنه ينبغي بناء حصون السلام في عقول البشر، فمن واجبنا أن نعمل على تعزيز ذلك من خلال التفكير النقدي والتفاهم.
والكبسولة الزمنية هي بمثابة تذكير قوي بأن التضامن بين الأجيال أمر أساسي لتحقيق السلام الدائم. وبما أن منظمة الأمم المتحدة أُنشئت « لإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب »، فمن واجبنا الأخلاقي أن نسعى كل يوم إلى تأمين عالم أفضل لهذه الأجيال. ولا يمكن التعاطي مع احتياجات الأجيال المقبلة من باب الانتهازية أو إهمالها لصالح الاهتمامات الراهنة. فمشكلات الساعة، ومنها الفقر والتخلف التكنولوجي والمادي، والبطالة، والاستبعاد، والتمييز، والأخطار التي تهدد البيئة، هي مشكلات يجب حلها بما يخدم مصالح أجيال الحاضر والمستقبل معاً. وينص إعلان اليونسكو بشأن مسؤوليات الأجيال الحاضرة تجاه الأجيال المقبلة على أنه يجب « ضمان تمتُّع الأجيال المقبلة وكذلك الأجيال الحاضرة بكامل الحرية في اختيار ما تشاء من النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتمكنها من الحفاظ على تنوعها الثقافي والديني ».
وبالنظر إلى أن وجود البشرية وبيئتها قد باتا مهددين في هذه المرحلة من التاريخ، فإنه من مسؤوليتنا « توريث الأجيال المقبلة كوكب الأرض سليماً وغير معرّض للإصابة يوماً ما من جراء النشاط البشري بأضرار يتعذر تداركها ». ويتوجب على الأجيال الحاضرة « أن تكافح في سبيل التنمية المستدامة وأن تصون ظروف العيش على هذا الكوكب، ولا سيما نوعية البيئة وسلامتها ». و »ينبغي ألا يتسبب التقدم العلمي والتكنولوجي، بأي شكل من الأشكال، بالإضرار أو الإخلال ببقاء النوع البشري وغيره من الأنواع ». و »يمثل التعليم أداة هامة لتعزيز السلام والعدالة والتفاهم والتسامح والمساواة لمنفعة الأجيال الحاضرة والمقبلة ».
ووجَهت العالِمة ريتا ليفي – مونتالتشيني الحائزة على جائزة نوبل للطب والفيزيولوجيا رسالة إلى الأجيال المقبلة كتبت فيها ما يلي: « إن الحل لنزعتنا المشتركة إلى الاهتمام بأنفسنا هو اكتساب عادة الاهتمام بكل ما يحيط بنا منذ الطفولة. فذلك ليس من شأنه فقط أن يبعدكم عن سلوك الأنانية، بل من شأنه أيضاً أن يساعدكم مساعدة هائلة في كل مرحلة من مراحل حياتكم ».
ينبغي ألا ننظر إلى المستقبل على أنه يعنينا فقط كأفراد. فلنبني مستقبلنا المشترك ولنفرح بالمصير المشترك للبشرية.
المصدر: اليونسكو