قادة العالم يناقشون الأهداف الإنمائية الدولية في الدورة السابعة والثلاثين للمؤتمر العام لليونسكو
2013/11/14
استضافت الدورة السابعة والثلاثون للمؤتمر العام لليونسكو، التي ضمت جميع الدول الأعضاء في المنظمة، يوم الأربعاء 6 نوفمبر الجاري، دورة جديدة لمنتدى القادة حول موضوع « اليونسكو تعبئ الجهود من أجل الإسهام في خطة التنمية لفترة ما بعد عام 2015 عن طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات ».
تمثل الهدف من هذا المنتدى في إعادة تنشيط التزام المجتمع الدولي بتعزيز أهداف التنمية بشكل ملموس، مع اقتراب الموعد المحدد لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وهو عام 2015 الذي اُعتمد في عام 2000.
قالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو : »إن السؤال المحوري في هذا النقاش، وهو ما يعد مفتاحاً للنجاح، إنما يتمثل في تحديد عناصر الاستدامة، حتى تتسم جهودنا بالدوام. وتكمن الإجابة عن هذا السؤال في الميثاق التأسيسي لليونسكو الذي ينص على أن السلام الدائم والتنمية ينبغي أن يقوما على أساس أكثر صلابة من الترتيبات السياسية والاقتصادية، وعلى ضرورة أن يستندا إلى كرامة الإنسان وسلطة القانون، مع تعزيز ذلك من خلال حرية التعبير والانتفاع بالمعلومات ».
وتميز الحدث بكلمات رئيسية لرئيسة كوستاريكا، لورا شينشيلا، والرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، و رئيس حكومة ليتوانيا الغدراس يوتكيفيشيوس، ، فضلاً عن وزراء من 54 بلداً أسهموا في مناقشة اتسمت بالحيوية أدارها شاشي ثارور، وزير الدولة لتنمية الموارد البشرية في الهند، وستيفن كول، كبير مذيعي قناة الجزيرة التلفزيونية.
دعت رئيسة كوستاريكا إلى وضع عقد اجتماعي جديد لمواجهة التحديات الأخلاقية، يرد فيه « عقد طبيعي » لضمان أن يمتنع الناس عن المساس بالطبيعة وأن يقوموا بحمايتها. وحثت شينشيلا، شأنها شأن كثيرين من المتحدثين الآخرين، على ضرورة إقامة علاقات تتسم بالانسجام مع الطبيعة وفي ما بين الناس. وهذا هو ما يشكل أساس التنمية المستدامة التي يجب أن تنطوي على إجراءات جديدة للتصدي لظواهر تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور المحيطات.
وقال الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، إن التعليم يجب أن يبقى هدفاً رئيسياً في الخطة المقبلة، كما دعا إلى إقامة نظم تعليمية من شأنها تعزيز الإبداع والتفكير النقدي، فضلاً عن التدريب المهني والمهارات الرقمية والانفتاح على الثقافات الأخرى. ثم قال إنه يجب علينا تكثيف الجهود الرامية إلى القضاء على الأمية، ولكن الأمر يقتضي أن نضع نصب أعيننا أن التعليم إنما يُعد بمثابة نشاط يمهد السبيل للحياة في المجتمع. وأضاف الرئيس المرزوقي أن من الواجب إحداث توازن بين الحاجة إلى إعداد الناس، ولاسيما الشباب، للانخراط في سوق العمل ومتطلبات المواطنة الكاملة في عالم يتزايد تعقيداً وتنوعاً.
ومن جانبه، أكد رئيس حكومة ليتوانيا، الغدراس يوتكيفيشيوس، على أن اليونسكو معنية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بتنفيذ جميع الأهداف الإنمائية للألفية، كما شدد على ضرورة أن توفر خطة فترة ما بعد عام 2015 أوجه التآزر بين العلوم والسياسات والمجتمع. ثم ركز على دور الثقافة في تحقيق أوجه التآزر هذه.
وطوال هذا اليوم، تبادل الوزراء من جميع أرجاء العالم رؤاهم عن كيفية التوصل إلى بناء سلام دائم وتحقيق تنمية مستدامة في عالم تكتنفه ظروف متقلبة ويواجه تحديات تتجاوز الحدود الوطنية. وقد اتفق الجميع على ضرورة تتبع المسار الذي حددته الأهداف الإنمائية للألفية؛ غير أنه تم التوصل إلى توافق واسع النطاق حول الحاجة إلى الاعتراف بالدور المحوري للثقافة في المجموعة المقبلة للأهداف الإنمائية. كما أعربوا عن تأييدهم القوي لحركة التعليم للجميع التي تقودها اليونسكو، مشددين على ضرورة تحقيق تعليم جيد، بدلاً من الاكتفاء بتوفير الانتفاع بالتعليم.
وعلى الرغم من أن الأهداف الإنمائية للألفية تساعد على تحقيق تقدم كبير في مكافحة الفقر والأمراض والجهل وعدم المساواة، فإن الجميع أقروا بأنه ما زال هناك الشيء الكثير الذي يتعين إنجازه، إذ أن العديد من ملايين النساء والرجال والفتيات والفتية ما زالوا يرزحون تحت براثن ظروف غير إنسانية.
وأقر المتحدثون بأنهم يتحملون مسؤولية جماعية لاستحداث نهج جديد للاستجابة لمتطلبات الناس الذين يعانون من الفقر أو الذين يعيشون على هامش المجتمع. ومن الدروس المستخلصة من الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية أن التنمية المستدامة والمنصفة لا يمكن أن تقتصر على السياسات الاقتصادية. فالأمر يقتضي وضع نهج تركز على تلبية متطلبات الناس وتمكن الأفراد والمجتمعات من الحصول على الأدوات اللازمة التي يحتاجون إليها لتنمية إمكاناتهم الخاصة بهم.
ولفت متحدثون كثر إلى كلمات المديرة العامة لليونسكو، ومفادها أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق إن لم تكن راسخة في الخبرات الثقافية للشعوب. فالثقافة هي مصدر الهوية والرخاء والانسجام الاجتماعي. والأمر يقتضي أن تقوم اليونسكو بتعزيز القوى الإيجابية الكامنة في الثقافة وأن تحول دون تسييسها حتى يمكن تفادي أسباب الصراع في ما بين الشعوب والأمم ودرء عوامل النزاعات وظواهر الرعب.
إن التوصل إلى التآزر وإلى علاقات جديدة كان الموضوع الذي تم التركيز عليه أثناء النقاش بين القادة حيث برزت الحاجة إلى مد الجسور بين التنمية والثقافة، وبين التعليم والديمقراطية، وبين العمالة والإبداع، وبين الاستدامة وتبادل المعارف. كما انبثقت عن هذا المنتدى رؤية من شأنها معالجة مشاكل الفقر والاستبعاد، وذلك من خلال أنشطة تعزز الكرامة وتحقق المساواة للجميع، وبخاصة للنساء والشباب والأقليات. وسيكون للنقاط والمقترحات الرئيسية التي تناولها منتدى القادة تأثير على المناقشات الإضافية في المؤتمر العام وما بعده، وذلك في ما يتعلق بتوجيه عمل الحكومات والمنظمات الدولية الحكومية المتعلق بخطة التنمية لفترة ما بعد عام 2015.
المصدر: اليونسكو