مؤتمر الشباب الدولي للتطوع والحوار بجدة؛ تسخير قوة الحوار لتعزيز العمل التطوعي للشباب
2013/12/3
يمثل الشباب في الوقت الراهن القوة الديمغرافية الرئيسية، إذ أنهم يشكلون نحو نصف سكان العالم تحت سن الخامسة والعشرين. ونظرا إلى أن الشباب هم بمثابة المعين الذي لا ينضب لتوليد أفكار الإبداع، فإنهم أصبحوا من أقوى مناصري المجتمع المدني وشركاء مهمين للحوار لمختلف الحكومات. فكيف لنا إذن أن نُمكّن الجيل الذي يتسم بكونه أوسع فئات العالم نطاقاً وأصغرها وأكثرها دراية بالتقنيات الحديثة من التعاون والابتكار من أجل إحداث تغيير اجتماعي إيجابي؟ وكيف لنا أن نشجع الشباب على التوصل إلى الحلول الكفيلة بمواجهة أكثر تحديات اليوم إلحاحاً، مثل النزاعات والفقر المدقع وتدهور البيئة والأوبئة والأمية؟
إن العمل التطوعي للشباب هو أحد السبل للمضي قدماً إلى المستقبل. فمن خلال تيسير الانتفاع بفرص العمل، يمكن للتطوع أن يؤهل القادة الشباب للعمل الآن وفي المستقبل. وجدير بالذكر أنه في الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر، سوف يتم التركيز خلال « مؤتمر الشباب الدولي للتطوع والحوار » المنعقد في مدينة جدة، المملكة العربية السعودية، على نطاق واتجاه العمل التطوعي في عالم يعيش في ظل العولمة ويتصف بالتنوع. ويتميز هذا المؤتمر، الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية بمشاركة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني واليونسكو، كونها الهيئة التي تنفرد بالتركيز على أهمية الحوار في تعزيز السلام الدائم والتنمية المستدامة.
وتستند هذه المبادرة إلى خبرة اليونسكو واسعة النطاق في هذا المجال وعلى قيام حكومة المملكة العربية السعودية بتعزيز العمل التطوعي على نحو فعال، وذلك داخل البلاد باعتبار أن هذا الأمر هو بمثابة التزام اجتماعي وأخلاقي وإنساني، فضلاً عن كونه يشكل جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً ترمي إلى تعزيز الحوار والتفاهم في ما بين الشباب من مختلف البلدان والخلفيات الثقافية. وسيقوم بافتتاح هذا المؤتمر صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود، وزير التربية والتعليم، وإيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو.
وفي هذا الصدد تقول المديرة العامة لليونسكو: « إننا نحتاج إلى صياغة أشكال جديدة وهادفة للحوار، ولاسيما الحوار بين الثقافات الذي من شأنه الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد التبادل، والذي يُشرك المسؤوليات الشخصية، واقتران ذلك بالاستعداد للسماع والتعلم، فضلاً عن فهم وتغيير وجهات النظر الفردية، وذلك من أجل التكيف مع التحديات الجديدة. وإن ذلك إنما يمثل عنصراً أساسياً لبناء أشكال جديدة للمواطنة العالمية وما يحتاجه العالم اليوم لمواجهة الأزمات الإنسانية وبناء السلام وصياغة نهج جديدة لتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن تحقيق الاستفادة القصوى من التنوع الثقافي العظيم الذي تتسم به الإنسانية ».
إن الحوار بين الثقافات إنما يمثل عنصراً حاسماً ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتنوع المناهج الثقافية الخاصة بالعمل التطوعي. ففي العديد من المجتمعات، يرتبط العمل التطوعي بتقاليد قديمة العهد وذات جذور عميقة تخص المشاركة والتبادل يمكن للناس من خلالها التعبير عن طاقاتهم ومواهبهم ومعارفهم، فضلاً عن الموارد الأخرى التي تحقق المنافع المتبادلة. وتوجد في معظم اللغات كلمات تعبر عن مضمون العمل التطوعي. وفي العالم العربي، حيث يمثل الشباب 60% من السكان، فإن « العمل التطوعي » و »المجتمع المدني » هما مجرد اسمين جديدين لتقاليد قديمة العهد تجسدت في مجالس المشورة والمنظمات المدنية التي ترمي إلى مكافحة الفقر والتخلف. وتعني كلمة « التطوع » في اللغة العربية القيام بتقديم هبة ما. كما أنها تعني الالتزام بعمل خيري لا علاقة له بالمقتضيات العقائدية. فالكلمة مشتقة من كلمة « طوع » ومعناها المطاوعة واللطف والمرونة.
قال أحمد الهنداوي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن الشباب، الذي سيكون المتحدث الرئيسي في المؤتمر المذكور: « إن التضامن الاجتماعي إنما يمثل العقيدة الرئيسية التي تستند إليها الثقافة العربية. أما فكرة العمل التطوعي فإنها توجد في الثقافة العربية وفي البلدان العربية؛ ومثال ذلك العمل من أجل إغاثة المحتاجين، غير أننا يجب أن نشجع هذا العمل لا من أجل التصرف في أوضاع الطوارئ فحسب، وإنما أيضاً في ما يخص تحقيق العملية الإنمائية الشاملة ».
سوف يجتمع في هذا المؤتمر ما يربو على 100 مشارك شاب من جميع أرجاء العالم لاستكشاف السبل الكفيلة بتسخير قوة العمل التطوعي للشباب على نحو أفضل. كما سيقومون بتبادل خبراتهم المتنوعة في مجال العمل التطوعي، ويحددون معاً « أفضل الممارسات »؛ ويرسمون السبل المستقبلية لتحقيق طموحات الشباب واحتياجاتهم، فضلاً عن تحديد شراكات جديدة مع مؤسسات ومنظمات غير حكومية والقطاع الخاص. ومن خلال خمس حلقات عمل سيتم توفير دعم عملي لمساعدة المشاركين على حفز التبادل على نحو أوسع نطاقاً وأكثر تأثيراً من خلال ما يقومون به من عمل تطوعي، وذلك في مجالات من قبيل المساعدات الإنسانية والتنوع الثقافي والحوار بين الثقافات، فضلاً عن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات التي أحدثت ثورة في طريقتنا في التعلم والربط الشبكي والحوار والمشاركة.
ومن المقرر أن يقوم المشاركون باعتماد إعلان في ختام أعمال المؤتمر ترد فيه الملامح الرئيسية لخطة ابتكارية للعمل التطوعي. يقول رون ثانغدي، وهو أحد المشاركين الشبان من كمبوديا الذي يُعوّل كثيراً على المؤتمر: « أملي أن أكون قادراً على فهم شتى المفاهيم/ الجوانب الخاصة بمشروع العمل التطوعي استناداً إلى برنامج المؤتمر ومداخلات المشاركين فيه. وسأقوم بالإبلاغ عن نتائج المؤتمر الخاصة بالحوار وتبادلها مع زملائي من الطلاب والمتطوعين الكمبوديين. والأهم من ذلك أنه سيكون في مقدوري أن أعرض على بساط البحث بقدر أكبر الأفكار الرامية إلى تعزيز تنفيذ مشاريع جديدة في المجالات ذات الصلة، وذلك عندما أعود إلى بلادي ».
إن العمل التطوعي إنما يمثل جزءاً لا يتجزأ من كل مجتمع، ومن المفترض أن يتسم هذا العمل بأهمية متزايدة في عالم يعيش في ظل العولمة؛ ويُعزى ذلك إلى الطريقة التي يتخذها هذا العمل للحفاظ على تواصل القيم العالمية الخاصة، بل والتركيز عليها، وهي القيم التي تخص على سبيل المثال التضامن والالتزام. وجدير بالذكر أن مارجريت ميد، العالمة في مجال الأنثروبولوجيا، كانت لها كلمة مشهورة جاء فيها أنه: « لا شك أن في مقدور مجموعة صغيرة العدد من المواطنين المراعين لحقوق الآخرين والملتزمين بمشاعرهم تغيير العالم؛ والحق أن ذلك هو السبيل الوحيد على الإطلاق لإحداث هذا التغيير ».
المصدر: اليونسكو