حرية التعبير وسلامة الصحفيين شرطان أساسيان لصحة المجتمعات الديمقراطية
2013/12/30
شاركت المديرة العامة لليونسكو، السيدة إيرينا بوكوفا، خلال الزيارة التي قامت بها الى نيويورك في الاجتماع غير الرسمي لمجلس الأمن بشأن حماية الصحفيين الذي نظمته فرنسا وغواتيمالا في 13 ديسمبر الجاري.
وشارك في هذا الاجتماع كلّ من السيدة فاتو بنسودة، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والسيد كريستوف دي لوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، والسيد ديفيد رود، الصحفي المتخصص بالتحقيقات في وكالة الأنباء « تومسون رويترز »، والسيد فرانك لارو، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير والرأي، والسيدة آن ماري كابوماشيو، مديرة مكتب إذاعة فرنسا الدولية في واشنطن.
وجرت المناقشات أمام أعضاء من مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وصحفيين، وأعضاء من المجتمع المدني، وتولّى تيسيرها معالي السيد جيرار أرو، سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة. وأجمعت المداخلات كلها على تقدير الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتمادها مؤخرا قرار الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب في 26 نوفمبر 2013، الذي شكّل تقدما كبيرا منذ تبني القرار رقم 1738 بشأن حماية الصحفيين في النزاع المسلح في عام 2006. وأثنت الدول الأعضاء أيضا على الجمعية العامة لاعتمادها القرار المتمثّل في إعلان يوم 2 نوفمبر يوما دوليا لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين – وذلك إحياءً لذكرى الصحفيين الفرنسيين اللذين اخُتطفا وقُتلا في كيدال، مالي، في 2 نوفمبر 2013.
وعرضت الدول المشاركِة خبراتها وتجاربها المتصلة بوضع الاعتداءات على الاختصاصيين في الإعلام، في حالات النزاع وأوقات السلم على حد سواء.
وشدّدت المناقشات الغنية على أنّ مسألة توفير الحماية وضمان السلامة للصحفيين أثناء تأدية مهامهم المتمثلة في نقل الخبر وإجراء التحقيقات لا تزال تشكل مسألة ذات أهمية جوهرية للحكومات الوطنية. وجرى تحديد النهج الوقائي، الذي أرسته المحكمة الجنائية الدولية في إطار تأدية المهام على الأرض وإجراء الدراسات الاستقصائية في عدد من البلدان التي تشهد نزاعات، بوصفه وسيلة ناجعة لوضع نظام إنذار مبكر لمواجهة الانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب، فضلا عن اتخاذ إجراءات ملائمة لدعم سلامة الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في البلدان المتأثرة بالنزاعات.
وأشار المتحدّثون إلى التحديات المتزايدة التي يواجهها الصحفيون على صعيد العمل في ظل ظروف قاهرة وخطيرة، في حالات النزاع والنزاع غير المسلح على حد سواء، وإلى تلك التي تواجهها الحكومات على صعيد توفير بيئة حرة وآمنة للصحفيين. وفي حين أثار مسألة العنف والترهيب المنهجيين اللذين يواجههما الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام على الصعيد المحلي، قال ديفيد رود، الصحفي المتخصص بالتحقيقات، إنّ « القتل والاختفاء هما أقصى أشكال الرقابة ».
واستعرضت منظمة مراسلون بلا حدود أيضا عملية إجراء التحقيقات بشأن النزاعات بوصفها وسيلة لبناء الحوار بين المجتمعات المتنازعة، وذلك في إطار الصحافة المتطورة. كما جرى التطرّق إلى ما إذا كان يتعين إخضاع الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام لإجراءات قضائية وعقوبات خاصة في إطار مكافحة الإفلات من العقاب، مع التشديد على أنّ إجراء التحقيقات في سياق انتهاكات حقوق الإنسان ووضع التقارير الدورية قد لا يكون كافيا في ضوء الاعتداءات المتزايدة على الصحفيين. وركّزت المداخلات أيضا على الدور الأساسي للإرادة السياسية ولتطوير الأنظمة القضائية بوصفهما عنصرين أساسيين لضمان الحماية الفعلية للصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب، مع الإشارة إلى الأهمية البالغة التي يتسم بها هذان الجانبان في رصد تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، التي أقرها مجلس الرؤساء التنفيذيين في منظومة الأمم المتحدة في أبريل 2012.
وأعربت إيرينا بوكوفا عن « الحاجة إلى اتخاذ إجراءات على عدد من المستويات، بدءا بجمع بيانات يمكن أن تُستخدَم كدليل على العنف ضد الصحفيين، بما في ذلك مؤشرات تراعي المنظور الجنساني خاصة بوسائل الإعلام التي تُجري تحقيقات بشأن العنف ضد النساء الصحفيات، ووصولا إلى زيادة الوعي على الصعيد العالمي وتعزيز العمل الجماعي للأمم المتحدة من خلال خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب التي تنسّقها اليونسكو ». وفي ما يتعلق بالتنفيذ الفعلي لخطة عمل الأمم المتحدة، جرى التشديد بشكل خاص على تدريب الصحفيين، وأصحاب وسائل الإعلام، والقوى الأمنية والأجهزة القضائية، فضلا عن وضع معايير خاصة بآليات حماية الصحفيين والدور الأساسي الذي تؤديه الروابط الإعلامية في هذا المجال.
وأشار جميع المشاركين إلى أهمية مثل هذا الاجتماع المفتوح في إطار مجلس الأمن، مشددين على ضرورة أن تدفع الاعتداءات المتزايدة على الصحفيين مجلس الأمن إلى رصد هذه المسألة رصدا منهجيا في جدول أعماله. وجرى التشديد بقوة على ضرورة مراقبة هذه المسألة والتوعية والتثقيف بشأنها على نحو مستمر. وتولّى عدد كبير من المتحدثين تحديد مسؤولية الجهات الفاعلة من غير الدول في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام بوصفها تحديا ناميا تواجهه الحكومات في حالات النزاع والاضطرابات المدنية. وفي السياق عينه، جرى التشديد على « الاستخدام المتزايد للتكتيكيات الإرهابية » الناتجة عن الإرهاب والمجموعات الإرهابية، بوصفها اتجاها جديدا ومتناميا للنزاعات يخلق تشويشا بين الجهات المتنازعة ذات الطبيعة المختلفة – بما في ذلك الجهات الفاعلة من غير الدول-، والصحفيين المستقلين ومراسلي الحرب. وجرى التشديد في هذا المجال على الحاجة إلى تقييم التهديد في شكل تحليل للسلامة والأمن، وذلك بهدف خلق التوازن بين السلامة والأمن. ومن المنظور عينه، جرى التطرّق إلى وضع الصحفيين المتطوّر بوصفه تحديا للدول في وجه بروز أصحاب المدوّنات والمراسلين المستقلين، وإلى صعوبة وضع بيانات دقيقة في هذا المجال. كذلك، شدّد الصحفيون الحاضرون على أنّ المشكلة لا تتمثل بالضرورة في مهنة الصحافة التي تشهد تطورا بل في البيئة التي يعمل في إطارها الصحفيون والتي شهدت تغيّرا كبيرا على مرّ السنين.
وعُرِض خلال الاجتماع التقدّم المُحرَز في عدد من البلدان، ولاسيما تبادل التجارب والخبرات في بلدان مثل تونس، وغواتيمالا، وهندوراس، وكولومبيا، والمكسيك، والبرازيل. وفي السياق عينه، جرى التشديد بشكل خاص على ضرورة مواكبة بلدان تمرّ بمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية لمساعدتها على وضع الأطر اللازمة وتوفير التدريب اللازم من أجل إنشاء بيئة تضمن سلامة الصحفيين وحمايتهم. كما تم التركيز على نية البرازيل تدريب الجسم القضائي على مسائل حرية التعبير، فضلا عن إجراء بحوث باستخدام مؤشرات سلامة الصحفيين التي وضعتها اليونسكو حديثا لتوفير بيانات معيارية. وأقامت المديرة العامة أيضا مأدبة غداء إعلامية بشأن برنامج وميزانية العامين المقبلين اللذين اعتمدتهما اليونسكو حديثا، وقد ضمّت صحفيين من صحف ووكالات أنباء متنوعة.
وشملت وسائل الإعلام المشاركِة في المأدبة صحيفة نيويورك تايمز، وهيئة الإذاعة الكولومبية (سي بي إس)، ووكالة أسوشيتد برس، وصحيفة « واشنطن بوست »، ووكالة رويترز، ووكالة الأنباء الفرنسية (فرانس بريس)، وصحيفة وول ستريت جورنال، ووكالة أنباء كزينوا، وصحيفة هافينغتون بوست، وقناة الجزيرة أمريكا من بين وكالات أخرى.
المصدر: اليونسكو